الثلاثاء، 2 أغسطس 2022

عُمدةُ الأَحكامِ من كلامِ خيرِ الأَنامِ عليه الصلاةُ والسلامُ/ الإمام الحافظ تقي الدين ، أبي محمد عبد الغني المقْدِسِيِّ الجُماعيليِّ الحنبليِّ

 

عُمدةُ الأَحكامِ  من كلامِ خيرِ الأَنامِ

عليه الصلاةُ والسلامُ/

الإمام الحافظ تقي الدين ، أبي محمد

عبد الغني المقْدِسِيِّ الجُماعيليِّ الحنبليِّ

ولد في سنة 541 هـ وتوفي في22 من شهر ربيع الأول سنة 600 هـ

رحمه الله وغفر له وللمؤمنين

 

أَعَدَّهُ وشَرَحَ غريبَهَ عادل بن حسن نصار

عفا اللهُ عنه وعنِ المسلمينَ 

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

يعتبر كتاب عمدة الأحكام للإِمام الحافظ تقي الدين ، أبي محمد عبد الغني المقْدِسِيِّ الجُماعيليِّ الحنبليِّ من أَجود الكتب التي صنفت في أحاديث الأحكام ، حيث انتقى المؤلف أحاديثه مما اتفق عليه الإِمامانِ البخاريُّ ومسلم في صحيحيهما إلا في القليل منها ممن انفرد به أحدهما ، وأَلفه استجابة لطلب بعض طلبة العلم في اختصار جملة من أحاديث رسول الله r  ، وقد أجاد فيه وأفاد ، وسهَّل على طلبة العلم حفظه ودراسته حيث إِن أَحاديثه لاتزيد على أَربعمائة حديث ونيِّفٍ  ، والكتاب مشروح ومتداول بين أيدي الدارسين ، وعنوانه اسم مطابق لمسماه فهو عمدة لكل من يرغب في دراسة الفقه الإسلامي على طريقة أهل الحديث والأَثر ، الذين يدورون مع الدليل الصحيح أينما دارَ لتطمئن بذلك قلوبهم بأَنهم يعبدون الله بما شرع على لسان نبيه =صلي الله عليه وسلم =r .

وإِسهاماً في خدمة الكتاب قمت بشرح غريبه بشكل مختصر ليكون بجانب المتن معيناً لمن عقد العزم على حفظه ودراسته ، عسى أَن أَحظى بدعوة مستجابة بظهر الغيب من قلبٍ مخلص بمغفرةِ ذنوبى والعفو عن زلاتي تنفعني في قبري ويوم القيامة عند لقاء ربي ، وأَرجو من كل من يجد خطأً أَن يخبرني به لتصحيحه وله مني الشكر والتقدير  .

وآخر دعوانا أَنِ الحمد لله رب العالمين

 

عادل بن حسن نصار

دير البلح/ غزة / فلسطين

تلفاكس/ 2535022

 

 

مقدمة المصنف

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الحافظ ، تقي الدين ، أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسي -          رحمه الله تعالى - :

الحمد لله الملك الجبار ، الواحد القهار . وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له ، رب السموات والأرض ومابينهما العزيز الغفار ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار . صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار. أما بعد :

فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام، مما اتفق عليه الإمامان : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، ومسلم بن الحجاج بن مسلم القُشَيريُّ النيسابوري .

فأجبته إلى سؤاله رجاء المنفعة به .

وأسأل الله أن ينفعنا به ، ومن كتبه أوسمعه أَوقرأَه أَو حفظه أو نظر فيه ، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، موجباً للفوز لديه في جنات النعيم .فإنه حسبنا ونعم الوكيل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كتابُ الطَّهَارَةِ

 

1 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ - وَفِي رِوَايَةٍ : بِالنِّيَّةِ - وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى , فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ , وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا , فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ ))  .

النيةُ : القصدُ والعزمُ على الشيء .

2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ))

أَحدثَ : حصل منه الحدثُ ، وهو الخارجُ منْ أَحدِ السبيلينِ أَوغيرهِ منْ نواقض الوُضوءِ

3 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم قَالُوا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :

(( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ))  .

الويلُ : العذابُ والهلاكُ ، وجاءَ في بعضِ الآثارِ أَنَّه وادٍ في جهنم .

الأَعقاب : جمعُ عَقِبٍ ، وهو مُؤَخَّرُ القَدَمِ . والمرادُ أَصحابُها .

4 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قال : (( إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً , ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ , وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ , وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الإِنَاءِ ثَلاثاً ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ))  .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمِنْخَرَيْهِ مِنَ الْمَاءِ ))

وَفِي لَفْظٍ : (( مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ )) .

لِينْثِرْ : يعني يُخرجُ الماءَ منْ أَنفِهِ ، بعدَ إِدخاله فيهِ ، وهو الاستنشاقُ .

استجمرَ : استعملَ الحجارةَ في مسحِ البولِ والغائطِ .

فلْيوتِرْ : أَيْ لِيُنْهِ استجمارَه على وِترٍ ، ثلاثٍ أَوخمسٍ أَوأَكثرَ .

فَلْيَستنشقْ : الاستنشاقُ هو إِدخالُ الماء في الأَنفِ ثمَّ نثْرُهُ خارِجَهُ .

5 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَجْرِي , ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ )) وَلِمُسْلِمٍ : (( لا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ )) .

الماءُ الدائمُ : المستَقِرُّ في مكانِهِ كالغُدرانِ والبِرَكِ .

جُنُبٌ : الجُنُبُ ، مَنْ أَصابته الجنابةُ ، يطلقُ على المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ ، والفردِ والجماعةِ .

6 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً)) .

وَلِمُسْلِمٍ : (( أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ )) .

وَلَهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِناءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعاً وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ )) .

ولَغَ : شَرِبَ بطَرَفِ لسانِهِ

عَفِّروهُ : التعفيرُ : التمريغُ في العَفْرِ وهو الترابُ .

7 - عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي اللهُ عنهما : (( أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ , فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ , فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْوَضُوءِ , ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً , وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثًا , ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ , ثُمَّ غَسَلَ كِلْتَا رِجْلَيْهِ ثَلاثًا , ثُمَّ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ r يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، وَقَالَ : (( مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))

بِوَضوءٍ : الوَضوءُ بفتحِ الواوِ ، معناه الماءُ الذي يتوضأُ بِهِ ، وبضمِّها ، فعلُ الوُضوءِ .

8 - عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : (( شَهِدْتُ عَمْرَو بْنَ أَبِي حَسَنٍ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ r ؟ فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ , فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ r فَأَكْفَأَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرِ , فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثاً , ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ , فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثاً بِثَلاثِ غَرْفَاتٍ , ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً , ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ , فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ , فَمَسَحَ رَأْسَهُ , فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ , حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ , ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ))  . وَفِي رِوَايَةٍ (( أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ r فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ )) . التَّوْرُ : شِبْهُ الطَّسْتِ . أهـ

التَّورُ : هو إِناءٌ صغيرٌ .

فأَكْفَأَ على يديْهِ : أَمالَ وصَبَّ على يديْهِ .

قَفَاهُ : مُؤَخِّرَةُ رِأْسِهِ .

منْ صُفْرٍ : هوَ نوعٌ منَ النُّحاسِ .

9 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ , وَتَرَجُّلِهِ , وَطُهُورِهِ , وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ )) .

يعجبُهُ التَّيَمُنُ : استعمالُ اليدِ اليمينِ ، والبَدْءُ باليمينَ في كلِّ ماهو شريفٌ وطاهرٌ وطيبٌ .

تنعُّله : لبْسُ النعلِ وهو الحِذاءُ .

ترجلِهِ : تسريحُ شعرِهِ بالمِشطِ .

طُهُورِهِ : بضم الطاء : يشملُ الوُضوءَ والغسلَ .

وفي شأْنِهِ كلِهِ : في الأُمورِ الشريفةِ المُسْتَطابَةِ .

10 - عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ : (( إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ )) . فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ  .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ , فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ , ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرَّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ )) فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ  .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: سَمِعْتُ خَلِيلِي r يَقُولُ: (( تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ )) .

يُدْعَوْنَ : يُنَادَوْنَ .

غُرَّاً : الغُرَّة : بياضٌ في وجهِ الفرسِ ، أُطْلِقَتْ على نورِ وجوهِهِمْ المُشَبَّهَةِ بغُرَّةِ الفَرَسِ .

محَجَّلينَ : من التحجيلِ وهو بياضٌ في قوائمِ الفرسِ . والمرادُ بذلك النورُ الذي يعلو وجوهَهُمْ وأَيدِيَهُمْ وأَرْجُلَهُمْ يوم القيامة ، وهذا من خصائصِ هذهِ الأُمَّةِ .

الحِلْيةُ : حليةُ النورِ التي تبلغُ مابلغَ ماءُ الوُضوءِ .

 

بابُ دخولِ الخلاءِ والاستطابةِ

11 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلاءَ قَالَ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ )) .

الاستطابةُ : الاستنجاءُ .

الخُبُثُ : بضمِّ الخاءِ والباءِ ، جمعُ خبيثٍ ، وهمْ ذُكرانُ الشياطينِ .

الخبائثُ : جمعُ خبيثةٍ ، وهنَّ إِناثُ الشياطينِ .

12 - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ , فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلا بَوْلٍ , وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا , وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا )) . قَالَ أَبُو أَيُّوبَ : " فَقَدِمْنَا الشَّامَ , فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ نَحْوَ الْكَعْبَةِ , فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا , وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ " .

شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا : اتجهوا نحوَ المشرقِ أَوالمغربِ . وهذا بالنسبةِ لأَهلِ المدينةِ المنورةِ .

13 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ : (( رَقِيْتُ يَوْماً عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ , فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ r يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامَ , مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ )) . وَفِي رِوَايَةٍ (( مُسْتَقْبِلاً بَيْتَ الْمَقْدِسِ )) .

رَقِيتُ : صعدتُ .

14 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t أَنَّهُ قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدْخُلُ الْخَلاءَ , فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً , فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ )) .

العَنَزَةُ : الحَرْبَةُ الصَغِيرَةُ . والإِداوةُ : إِناءٌ صغيرٌ منْ جلدٍ .

غلامٌ نَحْوي : غلامٌ مقاربٌ لي في السنِّ .

15 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ t : أَنَّ النَّبِيَّ r  قَالَ : (( لا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ وَلا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلاءِ بِيَمِينِهِ وَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ )) .

16 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ r بِقَبْرَيْنِ , فَقَالَ : (( إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ , وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا : فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ , وَأَمَّا الآخَرُ : فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً , فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ , فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ  يَيْبَسَا )) .

لايستترُ منَ البولِ : لايجعلُ سترةً تقيهِ منْ بولِهِ .

النَّميمةُ : نقلُ كلامِ الغيرِ على وجهِ الإِفسادِ والإِضرارِ .

 

بابُ السواكِ

17 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ)) .

السِّواكُ : اسمُ للعودِ الذي يتسوكُ به ، ولفعلِ الاستياكِ نفسِهِ . وخيرُ مايُستاكُ بهِ عودُ جذورِ شجرِ الأَراكِ .

18 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ )) .

يشوصُ فاه : يَدْلُكُ أَسنانَهُ ويُنَقِّيها .

19 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ t عَلَى النَّبِيِّ r وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إلَى صَدْرِي , وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ r بَصَرَهُ . فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَضَمْتُهُ , فَطَيَّبْتُهُ , ثُمَّ دَفَعْتُهُ إلَى النَّبِيِّ r فَاسْتَنَّ بِهِ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r اسْتَنَّ اسْتِنَانًا أَحْسَنَ مِنْهُ , فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ r : رَفَعَ يَدَهُ - أَوْ إصْبَعَهُ - ثُمَّ قَالَ : فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى - ثَلاثاً - ثُمَّ قَضَى . وَكَانَتْ تَقُولُ : مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي )) .

وَفِي لَفْظٍ (( فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ , وَعَرَفْتُ : أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ : آخُذُهُ لَكَ ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ : أَنْ نَعَمْ )) هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ .

يستَنُّ بِهِ : يُمِرُّ السِّواكَ على أَسنانِهِ .

فَأَبَّدَهُ : مدَّ إِليهِ بصرَهُ وأَطالَهُ .

بين حاقنتي وذاقنتي : الحاقنةُ : مابين التَّرْقُوَتَيْنِ وحبلِ العاتقِ ، والذاقنةُ : طرفُ الحُلْقومِ الأَعلى .

فقضمتُهُ : مضغته بأَسنانِها ليكونَ ليِّنَاً .

20- عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ t قَالَ : (( أَتَيْتُ النَّبِيَّ r وَهُوَ يَسْتَاكُ بِسِوَاكٍ رَطْبٍ , قَالَ : وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ , وَهُوَ يَقُولُ : أُعْ , أُعْ , وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ , كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ )) .

يتهوَّعُ : يتقيأُ .

 

بابُ المسحِ على الخفينِ

21 - عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t قَالَ : (( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فِي سَفَرٍ , فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ , فَقَالَ : دَعْهُمَا , فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ , فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا )) .

فأَهويتُ لأَنزعَ خفيهِ : مددتُ يدي لإِخراجِهما من رجليه لغسلِهما .

خُفَّيْهِ : تثنيةُ خُفٍ ، وهو نعلٌ من جلدٍ يغطي القدمينِ .

22 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضيَ اللهُ عنهما قَالَ : (( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ r فَبَالَ , وَتَوَضَّأَ , وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ))  .

 

بابٌ في المذيِ وغيرِهِ

23- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t قَالَ: (( كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً , فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ r لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي , فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : يَغْسِلُ ذَكَرَهُ , وَيَتَوَضَّأُ )) .

وَلِلْبُخَارِيِّ (( اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ )) . وَلِمُسْلِمٍ (( تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ )) .

المذيُ : سائلٌ يخرجُ من الرجلِ والمرأَة عندَ الشهوةِ ، ويخرجُ بلا تدفقٍ ولالَذَّةٍ .

مذَّاء : كثير المذي .

انضحْ فرجَكَ : اغسلْ فرجكَ .

24- عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ t قَالَ : (( شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ r الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ, فَقَالَ: لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً, أَوْ يَجِدَ رِيحاً )) .

25- عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةِ (( أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ , لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ , فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ , فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَى ثَوْبِهِ , وَلَمْ  يَغْسِلْهُ )) .

نَضَحَهُ : رشَّهُ .

26- وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها (( أَنَّ النَّبِيَّ r أُتِيَ بِصَبِيٍّ , فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ , فَدَعَا بِمَاءٍ , فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ )) وَلِمُسْلِمٍ : (( فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ , وَلَمْ يَغْسِلْهُ )) .

27- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( جَاءَ أَعْرَابِيٌّ , فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ , فَزَجَرَهُ النَّاسُ , فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ r فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ r بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ , فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ )) .

طائفةِ المسجدِ : ناحيةِ المسجدِ .

فزجره الناس : نهروه .

الذَّنوبُ : الدَّلوُ الكبيرُ مَليءٌ بالماءِ .

أُهريقَ عليه : صُبَّ عليه .

28 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ : الْخِتَانُ , وَالاسْتِحْدَادُ , وَقَصُّ الشَّارِبِ , وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ , وَنَتْفُ الإِبِطِ )) .

الختانُ : قطعُ الجلدةِ التي تغطي الحشفةَ في الذَّكرِ لكي لايجتمعَ فيها الأَوساخُ .

الاسْتِحْدَادُ : حلقُ شعرِ العانةِ.

 

بابُ الجنابةِ

29- عنْ أَبي هُرَيْرَةَ t (( أَنَّ النَّبِيَّ r لَقِيَهُ في بعْضِ طُرُقِ المدينَةِ وهو جُنُبٌ ، قالَ : فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ ، فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ ، فقَالَ : أَيْنَ كُنْتَ ياأَبا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : كُنْتُ جُنُبَاً فَكَرِهْتُ أَنْ أُجالِسَكَ على غَيْرِ طَهارَةٍ ، فَقَالَ : سُبْحانَ اللهِ ، إِنَّ المُؤْمِنَ لايَنْجُسُ )) .

انْخَنَسْتُ  : من الخُنوسِ ، وهو التأَخرُ والاختفاءُ والتسترُ .

30 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ النَّبِيُّ r إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ , ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ , ثُمَّ اغْتَسَلَ , ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدَيْهِ شَعْرَهُ , حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ , أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ , وَكَانَتْ تَقُولُ : كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ r مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ , نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعاً )) .

أَرْوَى بَشَرَتَهُ : أَوصلَ الماءَ إلى أُصولِ الشعرِ ، والبشرةُ : الجلدُ .

أَفَاضَ عَلَيْهِ : أَسالَ الماءَ على شعرِهِ .

31 - عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ r - أَنَّهَا قَالَتْ : (( وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ r وَضُوءَ الْجَنَابَةِ , فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثاً - ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ , ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ , أَوْ الْحَائِطِ , مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلاثاً - ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ,  وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ , ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ , ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ , ثُمَّ تَنَحَّى , فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ , فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا , فَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ )) .

فلم يُرِدْها : من الإِرادةِ لا منَ الردِّ .

32 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ t قَالَ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ , إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ )) .

يرقد : ينام .

33 – عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها – زَوْجِ النَّبِيِّ r – قَالَتْ :(( جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ – إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ , فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : نَعَمْ , إذَا رَأَتِ الْمَاءَ )) .

احتلمتْ : الاحتلامُ : هوَ مايراهُ النائمُ في نومِهِ ، ومايصحبُ ذلكَ منْ إنزالِ المنِيِّ ، ويكونُ منَ الرجلِ والمرأَةِ .

34 – عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كُنْت أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ r فَيَخْرُجُ إلَى الصَّلاةِ , وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ )) .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ (( لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ r فَرْكاً, فَيُصَلِّي فِيهِ )) .

35 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ , ثُمَّ جَهَدَهَا , فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ)) , وَفِي لَفْظٍ (( وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ )) .

شعبُها الأَربعُ : رجلاها ويداها ، وهو كنايةٌ عنِ الجِماعِ .

جَهَدَها : بلغَ المشقةَ بِكَدِّها ، وهوَ كنايةٌ عنِ المباشرةِ بالتقاءِ الخِتانَيْنِ .

36 - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي اللهُ عنهم (( أَنَّهُ كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , وَعِنْدَهُ قَوْمٌ , فَسَأَلُوهُ عَنْ الْغُسْلِ ؟ فَقَالَ : صَاعٌ يَكْفِيكَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : مَا يَكْفِينِي , فَقَالَ جَابِرٌ : كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْك شَعَرَاً , وَخَيْراً مِنْكَ – يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ r – ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ )) , وَفِي لَفْظٍ (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُفْرِغُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً )) .

الصَّاعُ : مكيالٌ يسعُ أَربعةَ أَمدادٍ ، والمُدُّ : مِلءُ كَفَّي الرجلِ الوَسَطِ .

 

بابُ التَّيَمُّمِ

37 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ r رَأَى رَجُلاً مُعْتَزلاً , لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ : يَا فُلانُ , مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ , وَلا مَاءَ , فَقَالَ : عَلَيْك بِالصَّعِيدِ , فَإِنَّهُ يَكْفِيَكَ )) .

التيممُ لغةً : القصدُ ، قال تعالى : ( وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) [المائدة:2 ] .

التيممُ شَرْعاً : هو القصدُ إلى الصعيدِ لمسحِ الوجهِ واليدينِ بِنِيَّةِ استباحةِ الصلاةِ وغيرِها

الصعيدُ : الترابُ .

يَكفيكَ : يُجزِئُكَ عنِ الماءِ .

38 - عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( بَعَثَنِي النَّبِيُّ r فِي حَاجَةٍ , فَأَجْنَبْتُ , فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ , فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ , كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ , ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ r فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : إنَّمَا يَكْفِيَكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا - ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً , ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ , وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ ))  .

تَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ : تقلبتُ في الأَرضِ حتَّى عمَّ بدني الترابُ .

39 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( أُعْطِيتُ خَمْساً, لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ , وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا , فَأَيُّمَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ , وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ , وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي , وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً , وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً )) .

نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ : أَي ينصرُني اللهُ بإِلقاءِ الخوفِ في قلوبِ أَعدائي .

 

بابُ الحيضِ

40- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (( أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ : سَأَلَتِ النَّبِيَّ r فَقَالَتْ : إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ , أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ ؟ قَالَ : لا ، إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ , وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا , ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي )) .

وَفِي رِوَايَةٍ (( وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ , فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ : فَاتْرُكِي الصَّلاةَ فِيهَا , فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي )) .

الحَيْضُ : جريانُ دَمِ المرأَةِ في أَوقاتٍ معلومةٍ يُرخِيهِ رَحِمُها بعدَ بُلوغِها .

الاستِحاضَةُ : جريانُ الدَّمِ في غيِر أَوانِهِ .

عِرْقٌ : يقالُ له : العاذِلُ ، ويكونُ في أَدْنى الرَّحِمِ يسيلُ منه الدَّمُ في غيرِ أَيامِ الحيضِ .

41 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (( أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ , فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ r عَنْ ذَلِكَ ؟ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ , قَالَتْ : فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ )) .

42 – عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ r مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ , كِلانا جُنُبٌ . وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ , فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ . وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إلَيَّ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ , فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ )) .

أَتَّزِرُ : أَي تشدُّ إِزاراً يسترُها منَ السُّرَّةِ إلى الرُّكبةِ وماتحتها .

يباشرُني : المباشرةُ هنا الاستمتاعُ منْ غيرِ جِماعٍ .

43 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي , فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ ))  .

الحِجْرُ : حضنُ الإِنسانِ .

44 - عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ : (( سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَلتُ : مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ , وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ ؟ فَقَالَتْ : أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ ؟ فَقُلْتُ : لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ , وَلَكِنِّي أَسْأَلُ . فَقَالَتْ : كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ , فَنُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ , وَلا نُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ )) .

أَحروريةٌ أَنتِ : نسبةٌ إِلى بلدةٍ قربَ الكوفةِ ، اسمُها حَروراءُ ، خرجتْ منها فرقةٌ منَ الخوارجِ على عليِّ بنِ أَبي طالبٍ t ، ويُسمَى الخوارجُ حَروريةً لِتَعَنُّتِهِمْ ومخالفتِهمُ السُّنَّةَ وخروجِهمْ على جَماعةِ المسلمينَ .

 

 

كتابُ الصلاةِ

الصلاةُ لغةً : الدعاءُ .

وشرعاً : أَقوالٌ وأَفعالٌ مخصوصةٌ مفتَتَحَةٌ بالتكبير ومُخْتتمةٌ بالتسليمِ .

 

بابُ المواقيتِ

المواقيتُ : جمعُ " ميقاتٍ " ، وهي المواقيتُ الزمانيةُ ، التي هي القَدْرُ المحدودُ لفعلِ الصلواتِ المفروضاتِ وغيرِها .

45- عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ إيَاسٍ - قَالَ : حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : (( سَأَلْتُ النَّبِيَّ r : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ , قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , قَالَ : حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي )) .

46- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (( لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي الْفَجْرَ , فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ , مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ثُمَّ يَرْجِعْنَ إلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ , مِنْ الْغَلَسِ )) .

المُرُوُطُ : أَكْسِيَةٌ مُعَلَّمَةٌ تَكُونُ منْ خَزٍّ ، وتَكُونُ منْ صُوفٍ . أهـ

مُتَلَفِّعاتٍ : مُتَلَحِّفاتٍ .

والغَلَسُ : اخْتِلاطُ ضِياءِ الصُبْحِ بِظُلْمَةِ اللَّيلِ .

47 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَانَ r يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ , وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ , وَالْعِشَاءَ أَحْيَاناً وَأَحْيَاناً إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ . وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ , وَالصُّبْحُ كَانَ النَّبِيُّ r يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ )) .

الهاجرةُ : شدةُ الحرِّ بعدَ الزوالِ .

نقيةٌ : صافيةٌ .

وجَبَتْ : غَابَتْ .

48 - عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ قَالَ : (( دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ , فَقَالَ لَهُ أَبِي : كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ r يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ؟ فَقَالَ : كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ – الَّتِي تَدْعُونَهَا  الأُولَى – حِينَ تَدْحَضُ الشَّمْسُ , وَيُصَلِّي الْعَصْرَ , ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ . وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ . وَكَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ الْعِشَاءِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ . وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا , وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا . وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلَ جَلِيسَهُ . وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ )) .

المكتوبة : المفروضةُ ، وهي الصلواتُ الخمسُ .

الأُولى : هي الظهرُ، لأَنها أَولُ صلاةٍ صلاها جبريلُ بالنبي r  .

تدحضُ الشمسُ : تَميلُ عنْ وَسَطِ السَّماءِ إِلى ناحيةِ الغروبِ .

العَتَمَة : ظُلمةُ الليلِ ، والمقصودُ بها صلاةُ العشاءِ .

ينفتلُ منْ صَلاةِ الغَداةِ : ينصرفُ منْ صلاةِ الصبحِ .

49 - عَنْ عَلِيٍّ t : أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ : (( مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا , كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ )) . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ (( شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى - صَلاةِ الْعَصْرِ - ثُمَّ صَلاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ )) .

50 - وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (( حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنِ الْعَصْرِ , حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى - صَلاةِ الْعَصْرِ - مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً , أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً )) .

51 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( أَعْتَمَ النَّبِيُّ r بِالْعِشَاءِ . فَخَرَجَ عُمَرُ , فَقَالَ : الصَّلاةُ , يَا رَسُولَ اللَّهِ . رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ . فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ : لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِهَذِهِ الصَّلاةِ هَذِهِ السَّاعَةِ )) .

أَعتم : دخل في العتَمَةِ وهي ظلمةُ الليلِ ، والمقصودُ أَنه أَخرَ صلاةَ العشاءِ بعدَ ذَهابِ الشَّفَقِ .

52 - عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاةُ , وَحَضَرَ الْعَشَاءُ , فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ )) .

53 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ .

54 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يقُولُ : (( لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ , وَلا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ )) .

الأَخبثانِ : البولُ والغائطُ .

55 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ النَّبِيَّ r نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ )) .

56- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ قالَ : (( لا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ , وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ )) .

57- وفي البابِ عنْ عليِّ بنِ أَبي طالبٍ ، وعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ، وعبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ ، وعبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ ، وأَبي هريرةَ ، وسَمُرَةَ بنِ جُندُبِ ، وسَلَمَةَ بنِ الأَكوَعِ ، وزيدِ بنِ ثابتٍ ومعاذِ بنِ جبلٍ ، ومعاذِ بنِ عفراء، وكعبِ بنِ مُرَّةَ ، وأَبي أُمامةَ الباهليِّ ، وعمرِو بنِ عبسةَ السُلَميِّ ، وعائشةَ رضي الله عنهم ، والصَّنابحيِّ ، ولم يسمعْ منَ النبيِّ r .

58 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما (( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ , وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ . فَقَالَ النَّبِيُّ r : وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا . قَالَ : فَقُمْنَا إلَى بَطْحَانَ , فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ , وَتَوَضَّأْنَا لَهَا , فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ . ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ )) .

بَطْحَان : اسمُ مكانٍ بالمدينةِ .

 

بابُ فضلِ الجماعةِ ووجوبِها

59- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( صَلاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً )) .

الفَذ : المنفرد .

60- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً , وَذَلِكَ : أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ , فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ . ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ , وَحُطَّ عَنْهُ خَطِيئَةٌ . فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ , مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ , اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ , وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ )) .

61 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ : صَلاةُ الْعِشَاءِ , وَصَلاةُ  الْفَجْرِ . وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا . وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ , ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ , ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ , فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ )) .

حبواً : الحَبْوُ : الزحفُ على اليدينِ والرُّكبتينِ .

62 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ r قَالَ : (( إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعُهَا . قَالَ : فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ . قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ , فَسَبَّهُ سَبّاً سَيِّئاً , مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ , وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَتَقُولُ : وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ؟ ))  وَفِي لَفْظٍ (( لا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ))  .

63 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ )) .

وَفِي لَفْظِ : (( فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْجُمُعَةُ : فَفِي بَيْتِهِ )) .

وَفِي لَفْظٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ : أَنَّ النَّبِيَّ r : (( كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ . وَكَانَتْ سَاعَةً لا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ r فِيهَا )) .

64- عنْ عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنْها قالَتْ : (( لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ r على شيءٍ منَ النَّوافِلِ تَعاهُدَاً منْهُ على ركْعَتَي الفَجْرِ )) .

وفي لفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( رَكْعَتا الفَجْرِ خيرٌ منَ الدُّنيا وما فيها )) .

 

بابُ الأَذانِ والإِقامةِ

65 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : (( أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ , وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ )) .

الأَذان لغة : الإِعلام .

الأَذان شرعاً : الإِعلام بدخول وقت الصلاة بأَلفاظٍ مخصوصةٍ .

يشفع الأَذان : يأْتي بأَلفاظِهِ شفعاً .

يوتر الإِقامة : يأْتي بأَلفاظِها وتراً .

66 - عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ قَالَ : (( أَتَيْتُ النَّبِيَّ r - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ - قَالَ : فَخَرَجَ بِلالٌ بِوَضُوءٍ , فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ , قَالَ : فَخَرَجَ النَّبِيُّ r عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ , كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ , قَالَ : فَتَوَضَّأَ وَأَذَّنَ بِلالٌ , قَالَ :  فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا , يَقُولُ يَمِيناً وَشِمَالاً : حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ ; حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ , فَتَقَدَّمَ وَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ نَزَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ )) .

قبة : خيمة .

ناضح : النضحُ : الرَّشُّ ، والمرادُ هنا الأَخذُ منَ الماءِ الذي توضأَ بِهِ النبيُّ r للتبركِ .

نائل : النائلُ : الآخذُ ممنْ أَخذَ مِنْ وُضُوءِ النبيِّ r  .

عَنَزَة : عصا صغيرةٌ في آخرِها حَرْبَةٌ .

67 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ قَالَ : (( إنَّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ , فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ )) .

68 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ))

 

بابُ استقبالِ القبلةِ

69 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ , حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ , يُومِئُ بِرَأْسِهِ , وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ )) .

وَلِمُسْلِمٍ : (( غَيْرَ أَنَّهُ لا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ )) .

وَلِلْبُخَارِيِّ: (( إلاَّ الْفَرَائِضَ )) .

يُسبِّحُ : يُصلَّي .

يومىءُ برأْسِه : يشيرُ برأْسِه .

70 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ إذْ جَاءَهُمْ آتٍ , فَقَالَ : إنَّ النَّبِيَّ r قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ , وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ , فَاسْتَقْبِلُوهَا . وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ , فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ )) .

قباء : مسجدٌ بالمدينةِ قريبٌ منَ المسجدِ النَّبويِّ .

71 - عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : (( اسْتَقْبَلْنَا أَنَساً حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّامِ , فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ , فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ , وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ - يَعْنِي عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ - فَقُلْتُ : رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ؟ فَقَالَ : لَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَفْعَلُهُ مَا فَعَلْتُهُ )) .

 

بابُ الصُّفوفِ

72 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ )) .

73 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )) .

وَلِمُسْلِمٍ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُسَوِّي صُفُوفَنَا , حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ , حَتَّى إذَا رَأَى أَنْ قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ , ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ , حَتَّى إذَا كَادَ أَنْ يُكَبِّرَ , فَرَأَى رَجُلاً بَادِياً صَدْرُهُ , فَقَالَ : عِبَادَ اللَّهِ , لَتُسَوُّنَّ  صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )) .

القِدَاح : خشبُ السِّهامِ حينَ تُنْحَتُ وتُبرى .

عَقَلْنا عَنْهُ : فَهِمْنا ماأَمَرَنا بِهِ منَ التَّسوِيَةِ .

بادياً صَدْرُهُ : ظاهراً صدرُهُ منَ الصفِّ .

74 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ r لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ , فَأَكَلَ مِنْهُ , ثُمَّ قَالَ : قُومُوا فَلأُصَلِّيَ لَكُمْ ؟ قَالَ أَنَسٌ : فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ , فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ , فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه r وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ , وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا . فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ انْصَرَفَ )) .

وَلِمُسْلِمٍ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَلَّى بِهِ وَبِأُمِّهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ , وَأَقَامَ الْمَرْأَةَ خَلْفَنَا )) .

اليتيمُ : ضُميرة جدُّ حسين بن عبد اللهِ بن ضميرة .

فنضحتُه بِماءٍ : النَّضْحُ هُو الرشُّ ، وقدْ يُرادُ بِهِ الغُسْلُ .

75 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : قَالَ : (( بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ . فَقَامَ النَّبِيُّ r يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ . فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ . فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ )) .

 

بابُ الإِمامةِ

76 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ , أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ؟ )) .

77 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ . فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ . فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا , وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا . وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , فَقُولُوا : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ . وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا . وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ )) .

78 - وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ , صَلَّى جَالِساً , وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَاماً , فَأَشَارَ إلَيْهِمْ : أَنْ اجْلِسُوا لَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا , وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا , وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا : رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ , وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ )) .

79 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيِّ الأَنْصَارِيِّ  t قَالَ : حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ :

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ : لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ r سَاجِدًا , ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ )) .

80 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا , فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ : غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .

81 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ , وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ )) .

السقيمُ : المريضُ .

82 - وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : (( جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ : إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ , مِمَّا يُطِيلُ بِنَا , قَالَ : فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ r غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ , فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ , فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ , فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ )) .

 

بابُ صفةِ صلاةِ النبيِّ r

83 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ : مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ . اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ . اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ )) .

هُنَيهةً : زمناً يسيراً .

أَرأيتَ : أَخبرني .

الدَّنس : الوسخ .

84 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ بـ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ , حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً , وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ , وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى , وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ , وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسْلِيمِ)) .

يُشخِص بصره : لم يرفعه .

لم يصوبْهُ : لم يخفضْهُ خفضاً بليغاً .

عُقبة الشيطانِ : هو الإِقعاءُ في الجلوسِ ، وصفتُهُ أَن يُلْصِقَ الرجلُ إِليتَهُ بالأَرضِ ، وينصبَ ساقَيْهِ ويضعَ يديْهِ على الأَرضِ .

85 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ , وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ . وَكَانَ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ )) .

86 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ )) .

أَطراف القدمين : أَصابع القدمين .

87 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ,  ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ , ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَع رَأْسَهُ , ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلاتِهِ كُلِّهَا , حَتَّى يَقْضِيَهَا , وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ )) .

88 - عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : (( صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . فَكَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ , وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ , فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ , وَقَالَ : قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ r - أَوْ قَالَ : صَلَّى بِنَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ r )) .

89 - عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( رَمَقْتُ الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ r فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ , فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ , فَسَجْدَتَهُ , فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ : قَرِيباً مِنْ السَّوَاءِ )) . وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ (( مَا خَلا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيباً مِنْ السَّوَاءِ )) .

90 - عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( إنِّي لا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي بِنَا قَالَ ثَابِتٌ فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئاً لا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ . كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ : انْتَصَبَ قَائِماً , حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ : قَدْ نَسِيَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ : مَكَثَ , حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ : قَدْ نَسِيَ )) .

لاآلو : لاأُقصِّرُ .

91 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً . وَلا أَتَمَّ صّلاةً مِنَ النَّبيِّ r )) .

92 - عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيِّ الْبَصْرِيِّ - قَالَ : (( جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا , فَقَالَ : إنِّي لأُصَلِّي بِكُمْ , وَمَا أُرِيدُ الصَّلاةَ , أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّي , فَقُلْتُ لأَبِي قِلابَةَ : كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَالَ : مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنَا هَذَا , وَكَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ )) .  أَرادَ بشيخِهمْ ، أَبا يزيدَ ، عَمرَو بنَ سَلَمَة الجَرْميَّ .

93 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنِ بُحَيْنَةَ t : (( أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ , حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ )) .

94 - عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : (( سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : أَكَانَ النَّبِيُّ r يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ )) .

95 – عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ t : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ r وَلأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ , فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا , وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا ))

96 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ )) .

97 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : (( أَنَّ النَّبِيَّ r دَخَلَ الْمَسْجِدَ , فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى , ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ , فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ . فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى , ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ , فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ - ثَلاثاً - فَقَالَ : وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أُحْسِنُ غَيْرَهُ , فَعَلِّمْنِي , فَقَالَ : إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ , ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ , ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ  رَاكِعاً , ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً, ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً . وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا ))

 

بابُ القراءةِ في الصَّلاةِ

98 - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ  )).

99 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ: (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r  يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ , يُطَوِّلُ فِي الأُولَى , وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ , وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَاناً ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى , وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِأُمِّ الْكِتَابِ . وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ , وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ )) .

100 - عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ t قَالَ: (( سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ )) .

101- عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما : (( أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ فِي سَفَرٍ , فَصَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ , فَقَرَأَ فِي إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَوْتاً أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ )) .

102 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ , فَيَخْتِمُ بـ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ r فَقَالَ : سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ صَنَعَ ذَلِكَ ؟ فَسَأَلُوهُ . فَقَالَ : لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ , فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَخْبِرُوهُ : أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ )) .

103- عَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ لِمُعَاذٍ : (( فَلَوْلا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى , وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا , وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى ؟ فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ ))

 

بابُ تركِ الجَهرِ ببسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

104 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ النَّبِيَّ r وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما : كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلاةَ بـِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))

وَلِمُسْلِمٍ :  (( صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ r وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بـِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ", لا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلا فِي آخِرِهَا )) .

 

بابُ سجودِ السَّهو

105- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِr   إحْدَى صَلاتَيْ الْعَشِيِّ - قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : وَسَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ . وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا - قَالَ : فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ . فَقَامَ إلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى , وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . وَخَرَجَتِ السَّرَعَانُ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالُوا : قَصُرَتِ الصَّلاةُ - وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ . وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ طُولٌ , يُقَالُ لَهُ : ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَسِيتَ , أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ ؟ قَالَ : لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ . فَقَالَ : أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى مَا تَرَكَ . ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ , ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ . ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ . فَرُبَّمَا سَأَلُوهُ : ثُمَّ سَلَّمَ ؟ قَالَ : فَنُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ : ثُمَّ سَلَّمَ )) .

العَشِيُّ : الوقتُ مابينَ زوالِ الشمسِ وغروبِها .

السَّرَعان : المُسرعون إِلى الخروجِ .

106 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ – وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r  – (( أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ , وَلَمْ يَجْلِسْ . فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ , حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلاةَ , وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ : كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ . فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ )) .

 

بابُ المرورِ بينَ يديِ المصلي

107 - عَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ ؟ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ )) . قَالَ أَبُو النَّضْرِ : لا أَدْرِي : قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ شَهْراً أَوْ سَنَةً .

108 – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ , فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ . فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ . فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ )) .

109 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( أَقْبَلْتُ رَاكِباً عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ , وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ , وَرَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ . مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ  بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ , فَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ . وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ )) .

الأَتانُ : أُنثى الحمار .

ناهزتُ الاحتلامَ : قاربتُ البلوغَ .

ترتعُ : تَرعى .

110 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ r - وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ - فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي , فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ . فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا . وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ )) .

 

بابٌ جامعٌ

111 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ r : (( إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ )) .

112 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : (( كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ , وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاةِ , حَتَّى نَزَلَتْ " وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلامِ )) .

113 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ قَالَ : (( إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ . فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ )) .

أَبردوا بالصلاة : أَخِّروها إِلى الوقتِ الذي تخفُّ فيهِ شدةُ الحَرِّ .

فَيْح جهنم : شدةُ حرِّها وغليانِها .

114 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا , وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ " أَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )) .

وَلِمُسْلِمٍ (( مَنْ نَسِيَ صَلاةً , أَوْ نَامَ عَنْهَا . فَكَفَّارَتُهَا : أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا )) .

115 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (( أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ : كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ r عِشَاءَ الآخِرَةِ . ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ , فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلاةَ )) .

عشاء الآخرة : صلاة العشاء .

116 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : (( كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي شِدَّةِ الْحَرِّ . فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ : بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ )) .

117 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ , لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ )) .

118 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما  عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ : (( مَنْ أَكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً . فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا ، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ . وَأُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ . فَوَجَدَ لَهَا رِيحاً , فَسَأَلَ ؟ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْبُقُولِ . فَقَالَ : قَرِّبُوهَا إلَى بَعْضِ أَصْحَابِي . فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا . قَالَ : كُلْ . فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي )) .

119 - عَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسَانُ )) . وفي روايةٍ (( بني آدمَ )) .

 

بابُ التَّشهدِ

120 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : (( عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ r التَّشَهُّدَ - كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ , وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ , السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ . أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ )) وَفِي لَفْظٍ : ((  إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ للهِ - وَذَكَرَهُ - وَفِيهِ : فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ - وَفِيهِ - فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ))

التحياتُ : جمع تحيةٍ وتشمل كل أَنواع التعظيم .

الطيباتُ : الطيب من الأَقوال والأَعمال والأَوصاف .

121 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : (( لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً ؟ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا , فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ عَلَّمَنَا اللَّهُ كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ : فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )) .

حميدٌ : محمودُ الأَفعالِ مستحقٌ لجميعِ المحَامِدِ .

مجيدٌ : المتصفُ بالمجدِ ، وهو كمالُ الشرفِ والكرمِ والصفاتِ المحمودةِ .

122 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدْعُو : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَعَذَابِ النَّارِ , وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ )) .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ , يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ        عَذَابِ جَهَنَّمَ )) .

فتنة المحيا والممات : ما يعرضُ للإِنسانِ مدةَ حياتِهِ منَ الافتتانِ بالدنيا وعندَ الموتِ ، وبعدَ الموتِ .

123 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ r:

(( عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي . قَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً . وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ . فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ . وَارْحَمْنِي , إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) .

124 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r - بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ " إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ " - إلاَّ يَقُولُ فِيهَا : سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي )) .

 

بابُ الوِتْرِ

125 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ r  - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ - مَا تَرَى فِي صَلاةِ اللَّيْلِ ؟ قَالَ : مَثْنَى , مَثْنَى . فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً . فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى . وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ : اجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً )) .

مَثْنَى مَثْنَى : أَي ركعتين ركعتين .

126 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ r: مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ , وَأَوْسَطِهِ , وَآخِرِهِ . وَانْتَهَى وِتْرُهُ إلَى السَّحَرِ )) .

127 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ , لايَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلاَّ فِي آخِرِهَا )) .

بابُ الذكرِ عَقِبَ الصَّلاةِ

128 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ , حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r )) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : " كُنْتُ أَعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْتُهُ " .

وَفِي لَفْظٍ " مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ r بِالتَّكْبِيرِ " .

129 - عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ مِنْ كِتَابٍ إلَى مُعَاوِيَةَ : (( إنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ : " لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ . اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ )) . ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ .

وَفِي لَفْظٍ : (( كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ , وَإِضَاعَةِ الْمَالِ , وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ , وَوَأْدِ الْبَنَاتِ , وَمَنْعٍ وَهَاتِ )) .

دُبُرِ كلِ صلاةٍ : أَي آخرها ، والمرادُ بعدَ التسليم .

الجَّدُّ : الغنى والحظُّ .

لاينفع ذا الجَّدِّ منك الجَّدُّ : لاينفع صاحبَ الحظِّ والغنى منكَ غِنَاه وحَظُّه .

وأْدُ البنات : دفنهن وهنَّ حيَّات .

ومنعٍ وهاتِ : أَي البخل بالمال عن الإِنفاق في وجوههِ المشروعة ، وحرص شديد على جمعِه .

130 - عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  t : (( أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ . قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالُوا : يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي , وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ , وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ . وَيُعْتِقُونَ وَلا نُعْتِقُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : أَفَلا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ , وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ . وَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ , إلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ : ثَلاثاً وَثَلاثِينَ مَرَّةً . قَالَ أَبُو صَالِحٍ : فَرَجَعَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ , فَقَالُوا : سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا , فَفَعَلُوا مِثْلَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )) .

الدُّثور : المال الكثير .

131 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ النَّبِيَّ r  صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ . فَنَظَرَ إلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً . فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إلَى أَبِي جَهْمٍ , وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ . فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي )) .

خميصة لها أَعلام : كساء مربع مخطط بأَلوان مختلفة .

الأَنْبِجانِيَّة : كساء غليظ ليس له أَعلام ، منسوبة إِلى بلد تسمى أَنبجان .

 

بابُ الجمعِ بين الصلاتين في السفرِ

132 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِr   يَجْمَعُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ , وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ )) .

 

بابُ قصرِ الصلاة في السفرِ

133 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ r  فَكَانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ , وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ )) .

 

بابُ الجُمُعةِ

134 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : (( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ r  فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ , وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ . ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى , حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ , ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاتِهِ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ , فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي , وَلِتَعْلَمُوا صَلاتِي - وَفِي لَفْظٍ - صَلَّى عَلَيْهَا . ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهَا . ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا , فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى )) .

تماروا : تجادلوا .

طرفاء الغابة : شجر يشبه الأَثل

الغابة : الشجر الملتف .

القهقرى : أَي رجع إِلى الخلف .

135 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ ))

136 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ r   يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . فَقَالَ : صَلَّيْتَ يَا فُلانُ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ . وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ )) .

137 – عَنْ جَابِرٍt   قَالَ: (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ , يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ )).

138 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ : (( إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ : أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ - فَقَدْ لَغَوْتَ )) .

لغوت : تكلمت بكلام ساقط ليس فيه فائدة .

139 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t  : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , ثُمَّ رَاحَ في الساعَةِ الأُولى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً . وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً . وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ . وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً . وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً . فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلائِكَةُ يَسْمَعُونَ الذِّكْرَ )) .

راحَ : سار أَول النهار .

البدنة : البعير ، ذكراً كان أَو أُنثى ، ولاتكون إِلامن الإِبل .

140 - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ t   قَالَ : (( كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r الْجُمُعَةَ , ثُمَّ نَنْصَرِفُ . وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r  إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ , ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ )) .

نجّمِّع : نقيم الجمعة .

141 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t  قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ r يَقْرَأُ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَ : هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ )) .

 

بابُ صلاةِ العيدينِ

142 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ r وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ )) .

143 - عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ : (( خَطَبَنَا النَّبِيُّ r  يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاةِ , فَقَالَ : مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ , وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ . فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاةِ . وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ . وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي . فَذَبَحْتُ شَاتِي , وَتَغَذَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاةَ . فَقَالَ : شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَإِنَّ عِنْدَنَا عِنَاقاً هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتُجْزِي عَنِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ )) .

النُّسُك : الذبح . والنسيكة : الذَّبيحة .

عناقاً : العَناق : الأُنثى من ولد المعز ، لم تتم الحول .

144 – عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ t   قَالَ : (( صَلَّى النَّبِيُّ r  يَوْمَ النَّحْرِ . ثُمَّ خَطَبَ . ثُمَّ ذَبَحَ وَقَالَ : مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا , وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ )) .

145 - عَنْ جَابِرٍ t  قَالَ : (( شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ r  يَوْمَ الْعِيدِ . فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ , بِلا أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ . ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ , فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى , وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ , ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , تَصَدَّقْنَ . فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ , فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ , سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : لأَنَّكُنَّ  تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ , وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ . قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ )) .

سِطَةَ النساء : أَي جالسة وسطهنَّ .

سفعاء الخدين : السفع : السواد والشحوب .

الشَّكاة : الشكوى .

تكفرن العشير : تجحدن إِحسان الزوج .

أَقراطهن : هو جمع "قِرط" : وهو الحَلَقُ الذي يعلق بشحمة الأُذنِ .

146 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ - قَالَتْ : (( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r  أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ , وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ , حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا , حَتَّى تَخْرُجَ الْحُيَّضُ , فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ , يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ )) .

العواتق : جمع "عاتق" المرأَة الشابة أَول ماتبلغ .

ذوات الخدور : جمع "خِدْر" وهو جانب من البيت ، يجعل يرخى عليه سترة ، يكون للجارية البكر .

الحُيَّض : جمع "حائض" ، وهي المرأَة في زمن الحيض .

 

بابُ صلاةِ الكُسُوفِ

147 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r  فَبَعَثَ مُنَادِياً يُنَادِي : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ . فَاجْتَمَعُوا . وَتَقَدَّمَ , فَكَبَّرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ , وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ ))  .

148 - عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ t   قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ , يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ , وَإِنَّهُمَا لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ . فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا , وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ )) .

149 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : (( خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r  فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r  بِالنَّاسِ . فَأَطَالَ الْقِيَامَ , ثُمَّ رَكَعَ , فَأَطَالَ الرُّكُوعَ , ثُمَّ قَامَ , فَأَطَالَ الْقِيَامَ - وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ - ثُمَّ رَكَعَ , فَأَطَالَ الرُّكُوعَ - وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ - ثُمَّ سَجَدَ , فَأَطَالَ السُّجُودَ , ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الأُخْرَى مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى , ثُمَّ انْصَرَفَ , وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ , فَخَطَبَ النَّاسَ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ , لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا  اللَّهَ وَكَبِّرُوا , وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا , ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ , وَاَللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ , أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ , يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ , وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ )) .

أَغْيَرُ : أَفعل تفضيل ، وهي صفة ثابتة لله تليق بجلاله وعظمته .

150- عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ t   قَالَ : (( خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ r . فَقَامَ فَزِعاً , وَيَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ , حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ . فَقَامَ , فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَسُجُودٍ , مَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلاتِهِ قَطُّ , ثُمَّ قَالَ : إنَّ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ . وَلَكِنَّ اللَّهَ يُرْسِلُهَا يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ )) .

 

بابُ الاستسقاءِ

151 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ t  قَالَ : (( خَرَجَ النَّبِيُّ r يَسْتَسْقِي , فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو , وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ , ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ , جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ )) . وَفِي لَفْظٍ " إلَى الْمُصَلَّى " .

152 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t (( أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ , وَرَسُولُ اللَّهِ r قَائِمٌ يَخْطُبُ , فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ r  قَائِمًا , ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلَكَتْ الأَمْوَالُ , وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى يُغِيثُنَا , قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا . قَالَ أَنَسٌ : فَلا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ , وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ قَالَ : فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ . فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ , قَالَ : فَلا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً , قَالَ : ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ , وَرَسُولُ اللَّهِ r قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ , فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ,  هَلَكَتْ الأَمْوَالُ , وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ , فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُمْسِكَهَا عَنَّا , قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ , قَالَ : فَأَقْلَعَتْ , وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ . قَالَ شَرِيكٌ : فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ : لا أَدْرِي )) .

دار القضاء : دار لعمر بن الخطاب بيعت لقضاء دينه بعد وفاته .

قزعة : قطعة رقيقة من السحاب .

سَلْع : جبل قربَ المدينة في جانبها الغربي .

التُّرس : صفيحة مستديرة من حديد تستخدم في الحرب .

الآكام : التُّلول .

الظِّراب : الروابي الصغار .

أَقلعت : أَمسكت عن المطر .

مارأينا الشمس سبتاً : أَي أُسبوعاً .

 

بابُ صلاةِ الخوفِ

153 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ : (( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ r  صَلاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ , فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ , وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً , ثُمَّ ذَهَبُوا , وَجَاءَ الآخَرُونَ , فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً , وَقَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً , رَكْعَةً ))  .

154 - عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r صَلاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ , صَلاةَ الْخَوْفِ : أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ مَعَهُ , وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ , فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً , ثُمَّ ثَبَتَ قَائِماً , وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ انْصَرَفُوا , فَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ , وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى , فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ , ثُمَّ ثَبَتَ جَالِساً , وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ , ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ )) .

155 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما قَالَ : (( شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r صَلاةَ الْخَوْفِ فَصَفَفْنَا صَفَّيْنِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ r وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , وَكَبَّرَ النَّبِيُّ r وَكَبَّرْنَا جَمِيعاً , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعاً , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً , ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ , وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ , فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ r السُّجُودَ , وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ :  انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ , وَقَامُوا , ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ , وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ , ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ r وَرَكَعْنَا جَمِيعاً , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً , ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ , وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ - الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى - فَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ , فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ r السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ : انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ , فَسَجَدُوا ثُمَّ سَلَّمَ r وَسَلَّمْنَا جَمِيعاً , قَالَ جَابِرٌ : كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلاءِ بِأُمَرَائِهِمْ )) .

وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بِتَمَامِهِ . وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ طَرَفاً مِنْهُ : (( وَأَنَّهُ صَلَّى صَلاةَ الْخَوْفِ مَعَ النَّبِيِّ r فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ , غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ )) .

نَحْر العدو : مقابلة العدو .

كتابُ الجنائزِ

يقالُ : جنازَةٌ بفتحِ الجيمِ وكسرِها ، وقيلِ : بالفتحِ اسمٌ للميتِ ، وبالكسرِ اسمٌ للنَّعشِ .

156- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   قَالَ : (( نَعَى النَّبِيُّ r النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ , خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى , فَصَفَّ بِهِمْ , وَكَبَّرَ أَرْبَعاً )) .

النَّجاشي : ملك الحبشةِ ، واسمه أَصحمة ، توفي في رجب ، سنة تسعt  .

157 - عَنْ جَابِرِ t   : (( أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ , فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي , أَوْ الثَّالِثِ )) .

158 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : (( أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى عَلَى قَبْرٍ , بَعْدَ مَا دُفِنَ , فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعاً )) .

159 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  كُفِّنَ فِي أَثْوَابٍ بِيضٍ يَمَانِيَةٍ , لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ )) .

أَثواب يمانية : نسجت في اليمن ، فنسبت إِليهِ .

سُحوليَّة : بِيضٌ نَقِيَّة ، ولاتكون إِلا من القطن .

160 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : (( دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ , فَقَالَ : اغْسِلْنَهَا ثَلاثاً , أَوْ خَمْساً , أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكِ - بِمَاءٍ وَسِدْرٍ , وَاجْعَلْنَ فِي الأَخِيرَةِ كَافُوراً - أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي )) .

فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ . فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ . وَقَالَ : أَشْعِرْنَهَا بِهِ - تَعْنِي إزَارَهُ .

وَفِي رِوَايَةٍ "أَوْ سَبْعاً" , وَقَالَ : (( ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا )) وَإِنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ : وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ )) .

رأَيتُنَّ ذلكِ : بكسر الكاف ، لأَنَّ المخاطبة أُنثى .

سدر : هو شجر النبق المعروف .

كافور : نوع من الطِّيبِ .

آذنني : أَعلمنني .

حَقْوه : الحقو بفتح الحاء وكسرها: الإِزار .

أَشعرنها إِياه : الشِّعار ، مايلي الجسد من الثياب ، ومعناه : اجعلن إِزاري مما يلي جسدها .

بميامنها : الميامن : جمع "ميمنة" بمعنى اليمين .

161 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ , إذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ , فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ : فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ , وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ . وَلا تُحَنِّطُوهُ , وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ . فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّياً )) . وَفِي رِوَايَةٍ : (( وَلا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلا رَأْسَهُ )) .

الوَقْصُ : كَسْرُ العُنُقِ .

لاتحنطوه : لاتضعوا الطيب عليه .

لاتخمروا رأْسَه : لاتغطوه .

162- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ : (( نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا )) .

163 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r  قَالَ : (( أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا إنْ تَكُ صَالِحَةً : فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا  إلَيْهِ . وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ : فَشَرٌّ : تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ )) .

164 - عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍt  قَالَ : (( صَلَّيْت وَرَاءَ النَّبِيِّ r عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ فِي وَسَطِهَا )) .

165 - عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍt  - : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r بَرِيءٌ مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ )) .قال المصنف : الصالقة ، التي ترفع صوتها عند المصيبة . أهـ

الحالقة : التي تحلق شعرها ، أَوتنتفه من شدَّة الجزع والهلع .

الشاقَّة : التي تشق جيبها أَوثوبَها تسَخُّطاً على قضاء الله .

دعوى الجاهلية : هي النياحة ، وكل قول بنبىء عن التَّسَخُّطِ والجزع من قَدَرِ الله .

166 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَ : (( لَمَّا اشْتَكَى النَّبِيُّ r ذَكَرَ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ , يُقَالُ لَهَا : مَارِيَةُ - وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ - فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا , فَرَفَعَ رَأْسَهُ r وَقَالَ : أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِداً , ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ )) .

167 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ : (( لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ )) .

قَالَتْ : وَلَوْلا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً  .

168 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t عَنْ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ : (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ )) .

169 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ . وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ . قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ )) .

وَلِمُسْلِمٍ : (( أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ )) .

 

كتابُ الزكاةِ

 

170- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ - : (( إنَّك سَتَأْتِي قَوْماً أَهْلَ كِتَابٍ . فَإِذَا جِئْتَهُمْ : فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ . فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ : أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ . فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ , فَأَخْبِرْهُمْ : أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً , تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ . فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ , فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ . وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ . فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ )) .

صدقة : زكاة ، وسميت الزكاة صدقة لأَنها دليل على الصدق في الإِيمان .

كرائم : جمع "كريمة" أَي نفيسة .

171 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : (( لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ . وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ . وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ )) .

أَواق : جمع "أُوقية" وهي تعادل أَربعين درهماً .

ذود : الذود يطلق على الثلاث من الإِبل إِلى العشرِ .

أَوسق : جمع "وَسق" وهو ستون صاعاً بالصاع النبوي .

172 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ : (( لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( إلاَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ ))  .

173 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ . وَالْبِئْرُ جُبَارٌ . وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ . وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ )) .

قال المصنف : الجبار : الهدر الذي لاشيء فيه . والعجماء : الدابة البهيم . أهـ

العجماء : البهيمة ، وسميت عجماء لأَنها لاتتكلم .

جُبار : أَي هدر ، لاضمان فيهِ .

الرِكاز : هو دِفْنُ الجاهليةِ .

174 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ r عُمَرَ t عَلَى الصَّدَقَةِ . فَقِيلَ : مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ r . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ , إلاَّ أَنْ كَانَ فَقِيراً : فَأَغْنَاهُ اللَّهُ ؟ وَأَمَّا خَالِدٌ : فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِداً . وَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . وَأَمَّا الْعَبَّاسُ : فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا . ثُمَّ قَالَ : يَا عُمَرُ , أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ ؟ )) .

أَدراعه وأَعتاده : هي آلات الحرب من السلاح والدواب .

صِّنْو أَبيهِ : مثل أَبيه وشبيه به .

175 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : (( لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ : قَسَمَ فِي النَّاسِ , وَفِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئاً . فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ , إذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ . فَخَطَبَهُمْ , فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ , أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهُدَاكُمْ اللَّهُ بِي ؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي ؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي ؟ . كُلَّمَا قَالَ شَيْئاً ، قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ . قَالَ : مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ . قَالَ : لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ : جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا . أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ , وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إلَى رِحَالِكُمْ ؟ لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأَنْصَارِ ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً أَوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا . الأَنْصَارُ شِعَارٌ , وَالنَّاسُ دِثَارٌ . إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ )) .

حنين : واد بين مكة والطائف .

أَفاء : أَعطى .

المؤلفة قلوبهم : هم قوم يُتأَلفون على الإِسلام ، بإِعطائهم من الغنائم أَو الصدقات .

وجدوا : غضبوا في أَنفسهم .

عالة : فقراء .

أَمنَّ : أَفعلُ تفضيل ، معناه ، أَكثر مِنَّة علينا وأَعظم .

شِعار : هو الثوب الذي يلي الجسد .

دِثار : هو الثوب الذي فوق الشعار .

أَثَرَة : الاستئثار بالشيْ المشترك .

 

بابُ صدقةِ الفِطرِ

176- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ r  صَدَقَةَ الْفِطْرِ - أَوْ قَالَ رَمَضَانَ - عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ : صَاعاً مِنْ تَمْرٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ . قَالَ : فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ , عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلاةِ )) .

بُر : قمح .

177 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : (( كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَنِ r صَاعاً مِنْ طَعَامٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ . فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ , وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ , قَالَ : أَرَى مُدَّاً مِنْ هَذِهِ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَمَّا أَنَا : فَلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r )) .

أَقِط : لبن مجفف لم تنزع زبدته .

السَّمراء : القمح الشامي .

المُدُّ : حفنة بملء كفي الرَّجلِ المعتدل الكفين .

كِتَابُ الصِّيَامِ

 

178 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ , أَوْ يَوْمَيْنِ إلاَّ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ )) .

لاتَقَدَّموا : أَصله لاتتقدموا .

179 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ )) .

غُمَّ : حال بينكم وبين رؤيته شيء كغيم وقَتَر .

فاقدروا له : أَي أَكملوا عِدَّة شعبان ثلاثين يوماً .

180 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً )) .

السَّحور : بفتحِ السين ، مايُتسحرُ بهِ . وبضمها ، الفعل . والبركة تشمل الوقت ومايتسحر به من مأْكول ومشروب .

181 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r . ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلاةِ . قَالَ أَنَسٌ : قُلْت لِزَيْدٍ : كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ ؟ قَالَ : قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً )) .

182 – عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ )) .

183 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ . فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ , فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ . فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ )) .

184 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ r إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلَكْتُ . قَالَ : مَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي , وَأَنَا صَائِمٌ – وَفِي رِوَايَةٍ : أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِيناً ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَمَكَثَ  النَّبِيُّ r فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ r بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ – وَالْعَرَقُ : الْمِكْتَلُ – قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : خُذْ هَذَا , فَتَصَدَّقَ بِهِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي . فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ . ثُمَّ قَالَ : أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ )) .

وقعت على امرأَتي : أَي جامعتها .

عَرَق : هو المِكتل ، ويصنع من سعف النخيل ، ويسع ( 15) خمسة عشر صاعاً .

لابتيها : تثنية "لابة" وهي الأَرض التي تعلوها حجارة سود ، والحرَّتان هما الجبلان ، يريد أَن المدينة تقع بين حرتين شرقية وغربية .

 

بابُ الصومِ في السَّفرِ وغيرهِ

185 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ r  : أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -  فَقَالَ : إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ )) .

186 – عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ r فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ . وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ )) .

187 - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t  قَالَ : (( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي شَهْرِ رَمَضَانَ . فِي حَرٍّ شَدِيدٍ , حَتَّى إنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ . وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ )) .

188 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي سَفَرٍ . فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : صَائِمٌ . قَالَ : لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ )) .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ )) .

189- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ r فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ , وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ : فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ , وَأَكْثَرُنَا ظِلاً : صَاحِبُ الْكِسَاءِ . وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ . قَالَ : فَسَقَطَ الصُّوَّامُ , وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ . وَسَقَوْا الرِّكَابَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ )) .

الرِّكاب : الإِبل .

190 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ , فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلاَّ فِي شَعْبَانَ )) .

191 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ )) . وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ " هَذَا فِي النَّذْرِ , وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ " .

192 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ . أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ . أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ , أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا ؟ فَقَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ :  فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ )) .

193 – عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا         عَجَّلُوا الْفِطْرَ )) .

194 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا . وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا : فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ )) .

195 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ الْوِصَالِ . قَالُوا : إنَّكَ تُوَاصِلُ . قَالَ : إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ , إنِّي أُطْعَمَ وَأُسْقَى )) . وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .

الوِصال : هو وصل الصوم متابعة بعضه بعضاً دون فطر أَوسحور .

196 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t : (( فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ )) .

 

بَابُ أَفْضَلِ الصِّيَامِ وَغَيْرِهِ

197 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : (( أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ r أَنِّي أَقُولُ : وَاَللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ , وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ لَهُ : قَدْ قُلْتُهُ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي . فَقَالَ : فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ . فَصُمْ وَأَفْطِرْ , وَقُمْ وَنَمْ . وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا . وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ . قُلْتُ : فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : فَصُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ . قُلْتُ : أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : فَصُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً . فَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ دَاوُد . وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ . فَقُلْتُ : إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : ((  لا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ أَخِي دَاوُد – شَطْرَ الدَّهْرِ – صُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً )) .

شطر الدهر : نصف الدَّهر .

198 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضيَ اللهُ عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُد . وَأَحَبَّ الصَّلاةِ إلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُد . كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ , وَيَقُومُ ثُلُثَهُ . وَيَنَامُ سُدُسَهُ . وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً )) .

199 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : (( أَوْصَانِي خَلِيلِي r بِثَلاثٍ صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ , وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى , وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ )) .

200 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : (( سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَهَى النَّبِيُّ r عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ )) وَزَادَ مُسْلِمٌ (( وَرَبِّ الْكَعْبَةِ )) .

 

201 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , إلاَّ أَنْ يَصُومَ يَوْماً قَبْلَهُ , أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ )) .

202 - عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ - قَالَ : (( شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t فَقَالَ : هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ صِيَامِهِمَا : يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ , وَالْيَوْمُ الآخَرُ : تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ )) .

نُسِككُمْ : أَضاحيكم .

203 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ : الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ . وَعَنْ الصَّمَّاءِ , وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ , وَعَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ )) . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِتَمَامِهِ . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الصَّوْمَ فَقَطْ اشتمال الصَّماء : هي عند العربِ أَن يلف جسده كله بالثوب ولايجعل منه جانباً لإِخراج يديه .

يحتبي الرجل في الثوب الواحدِ : يجلس على أَليَتيْهِ ويضمّ فخذيهِ وساقيه إِلى بطنِه ليستَنِدَ .

204 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً )) .

 

بابُ ليلةِ القَدرِ

205 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ . فَقَالَ النَّبِيُّ r : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ . فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ )) .

تَواطأَتْ : توافقت .

206 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ )) .

207 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ . فَاعْتَكَفَ عَاماً , حَتَّى إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ - قَالَ : مَنْ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ . ثُمَّ أُنْسِيتُهَا , وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا . فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ . فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ . وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ . فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ , فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ r وَعَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وَعِشْرِينَ )) .

وَكَفَ المسجدُ : أَي قَطَرَ من سقفه الماءُ .

بابُ الاعتكافِ

208- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ , حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ  وَجَلَّ . ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ )) .

وَفِي لَفْظٍ (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r  يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ . فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي      اعْتَكَفَ فِيهِ ))  .

الغداة : الصبح .

209 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ r وَهِيَ حَائِضٌ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ . وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا : يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ " إنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ . فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلاَّ وَأَنَا مَارَّةٌ " . الترجيل : تسريح الشعر . أهـ

حاجة الإِنسان : البول والغائط .

210 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : قُلْتُ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً ))  - وَفِي رِوَايَةٍ : (( يَوْماً - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ )) وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَوْماً ولا لَيْلَةً .

211 - عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ النَّبِيُّ r مُعْتَكِفًا . فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً . فَحَدَّثْتُهُ , ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ , فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ r أَسْرَعَا . فَقَالَ النَّبِيُّ r : عَلَى رِسْلِكُمَا . إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً- أَوْ قَالَ شَيْئاً )) .

وَفِي رِوَايَةٍ (( أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ . فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً . ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ . فَقَامَ النَّبِيُّ r مَعَهَا يَقْلِبُهَا , حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ )) . ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ .

ليَقْلِبَنِي : لِيَرُدَّني ويرجعني إِلى منزلي .

رِسْلِكُما : على مهل وتؤدةٍ .

كتابُ الحجِّ

 

بابُ المواقيتِ

212- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ r  وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ : ذَا الْحُلَيْفَةِ . وَلأَهْلِ الشَّامِ : الْجُحْفَةَ . وَلأَهْلِ نَجْدٍ : قَرْنَ الْمَنَازِلِ . وَلأَهْلِ الْيَمَنِ : يَلَمْلَمَ . هُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ , مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ . وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ : فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ , حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ )) .

المواقيت : جمعُ "ميقات" والمقصود بها المواقيت المكانية التي يحرم منها الحجيج .

بيان المواقيت :

أ : ذو الحليفة : ميقات أَهل المدينة ، ويسمى الآن أبيار على تبعد عن مكة (430كم2) .

ب: الجحفة ميقات أَهل مصر والشام والمغرب ، ويحرم الناس بجوارها من رابغ وتبعد عن مكة (201كم2) .

ت: يلملم ميقات أَهل اليمن وأَهل جاوة ، وأَهل الهند والصين ، وتبعد عن مكة (80كم2) .

ث: قرن المنازل : ميقات أَهل الطائف ونجد ، ونجد اليمن ، ونجد الحجاز ، وتبعد عن مكة (80كم2) ويسمى الآن السيل الكبير .

ج: وهناك ميقات خامس يسمى ( ذات عِرْق ) ويسمى الآن الضريبة يحرم منه أَهل العراق وإِيران ومن جاء من جهة الشرق ويبعد عن مكة (80كم2) .

213 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , وَأَهْلُ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ , وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ )) . قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ )) .

 

مايلبس المُحْرِمُ من الثيابِ

214 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لايَلْبَسُ الْقَمِيصَ , وَلا الْعَمَائِمَ , وَلا السَّرَاوِيلاتِ , وَلا الْبَرَانِسَ , وَلا الْخِفَافَ , إلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ , وَلا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ )) .

وَلِلْبُخَارِيِّ : (( وَلا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ . وَلا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ )) .

القميص : نوع من الثياب معروف ، وقد أَمر النبي r أَن لايتجاوز الكعبين .

السراويلات : جمع " سروال " ثوب خاص بالنصف الأَسفل من البدن .

البرانس : جمع " بُرْنس " : كلُّ ثوبٍ رأْسه منه ملتسق بهِ .

الخفاف : جمع " خُفٍّ " وهو مايلبس في الرِّجلِ ويكون إِلى نصف الساقِ .

الوَرْس : نبت أَصفر طيب الرائحة تصبغ به الثيابُ .

لاتنتقب المرأَة : لاتلبس النقاب : وهو مايستر الوجه ويبقى منه خرقان تنظر منهما .

القفازين : هما ماتلبسه المرأَة في يديها .

215 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ : مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ , وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَاراً فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ )) .

216 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ r : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ , إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ )) . قَالَ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا " لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ , وَسَعْدَيْكَ , وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ , وَالرَّغْبَاءُ إلَيْكَ وَالْعَمَلُ " .

لَبَيْكَ : منقادٌ لك وخاضع بين يديك ، وملازم لعبادتك وطاعتِكَ .

سعديْك : مساعدة في طاعتك بعد مساعدة

الرَّغباء : الطلب والمسأَلة مِمَّنْ بيده الخير .

217 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا حُرْمَةٌ )) .

وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ : (( لا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ )) .

ذي مَحْرَم : مَحْرَمُ المرأَة مَنْ حَرُمَ عليه نكاحُها على التأْبيد .

 

بابُ الفِدْيَةِ

218- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ : (( جَلَسْتُ إلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ . فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْفِدْيَةِ ؟ فَقَالَ : نَزَلَتْ فِي خَاصَّةً . وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً . حُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي . فَقَالَ : مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى – أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى – أَتَجِدُ شَاةً ؟ فَقُلْتُ : لا . فَقَالَ : صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ , أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ , لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يُطْعِمَ فَرَقاً بَيْنَ سِتَّةٍ , أَوْ يُهْدِيَ شَاةً , أَوْ يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ )) .

ماكنتُ أَرى : ماكنتُ أَظنُّ .

الجَهْد : المشقة .

الفَرَق : مكيال يسع ثلاثة آصعٍ نبوية .

بابُ حرمة مكةَ

219 - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه : أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ r الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ . فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ ، وَوَعَاهُ قَلْبِي ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ , حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ : (( أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ : إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى , وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ . فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ : أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَماً , وَلا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً . فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ r فَقُولُوا : إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ , وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ . وَإِنَّمَا أُذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ . وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ . فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ . فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ : مَا قَالَ لَكَ ؟ قَالَ : أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ ، إنَّ الْحَرَمَ لا يُعِيذُ عَاصِياً , وَلا فَارَّاً بِدَمٍ وَلا فَارَّاً بِخَرْبَةٍ )) .

الخَرَبَة : بالخاء المعجمة والراء المهملة . قيل: الخيانة ، وقيل: البليَّة ، وقيل : التهمة .

220 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ – (( لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ , وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ . وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا , وَقَالَ : يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ . فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي , وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ , وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ , وَلا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا . وَلا يُخْتَلَى خَلاهُ . فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إلاَّ الإِذْخِرَ . فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ . فَقَالَ : إلاَّ الإِذْخِرَ )) . القينُ : الحَدَّاد .

إِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا : " نَفَرَ " خرج بسرعة . يعني إِذا طلب منكم الخروج بسرعة فاخرجوا كما طُلِبَ منكم

لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ : لايقطعُ شوكُهُ .

لا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ : لايُزْعجُ من مكانِهِ ويُذعَرُ .

لا يُخْتَلَى خَلاهُ : " الخلا " هو الرَّطْبُ منَ الكلأِ ، واختلاؤُه قطعُهُ .

الإِذخَر : نبت طيب الرائحة .

لِقَيْنِهِمْ : هو الحَدَّاد ، وحاجته إِليها ليوقد بها النار .

 

بابُ مايجوزُ قتلُهُ

221 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ , يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ : الْغُرَابُ , وَالْحِدَأَةُ , وَالْعَقْرَبُ , وَالْفَأْرَةُ , وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ )) .

وَلِمُسْلِمٍ : (( يُقْتَلُ خَمْسٌ فَوَاسِقُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ )) . الحِدَأَةُ : بكسر الحاء وفتح الدالِ.

فاسق : الفِسقُ هو الخروج عن الشيء .

الكلب العقور : العقور كل ماعقر الناس وأَخافهم وعدا عليهم مثل الأَسد والنمر والفهد والذئب .

 

بابُ دخولِ مكةَ وغيرِهِ

222- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ , وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ : اُقْتُلُوهُ )) .

الْمِغْفَرُ : هو لباس من حديد يلبسه المقاتل على رأْسه وقاية له من السيف .

223 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ , مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ , وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى )) .

كداء : اسم مكان في أَعلى مكة ، يقالُ لها الآن ريع الحجون .

الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى : الثنية هي الطريق بين جبلين .

والمراد بها الطريق الذي يخـرج من المحلة المسـماة ( حارة الباب ) وتسمى الثنية الآن ( ريع الرسام ) .

224 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ r الْبَيْتَ , وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ , فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَلَمَّا فَتَحُوا : كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ . فَلَقِيتُ بِلالاً , فَسَأَلَتْهُ : هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ r ؟ قَالَ : نَعَمْ , بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ )) .

وَلَجَ : دَخَلَ .

225 – عَنْ عُمَرَ t (( أَنَّهُ جَاءَ إلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ , فَقَبَّلَهُ . وَقَالَ : إنِّي لأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ , لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ , وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ r يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ )) .

226 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ . فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ . فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ r أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ , وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ , وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا : إلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ )) .

وَهَنَتْهُمْ : أَضعفتهم .

يثرب : من أَسماء المدينة في الجاهليةِ .

أَنْ يَرْمُلُوا : الرَّمَلُ : هو الإِسراع في المشي مع تقارب الخُطا .

الرُّكْنَيْنِ : الركنانِ هما الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأَسود .

الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ : الرِّفقُ بهم والشَّفقة عليهم .

227- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ - أَوَّلَ مَا يَطُوفُ - يَخُبُّ ثَلاثَةَ أَشْوَاطٍ )) .

يخب : يَرْمَلُ وهو الإِسراع في المشي مع تقارب الخُطا .

228 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( طَافَ النَّبِيُّ r فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ , يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ )) .

المِحْجَنُ : عصا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ .

229 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( لَمْ أَرَ النَّبيَّ r يَسْتَلِمُ مِنْ الْبَيْتِ إلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ )) .

الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ : الركن اليماني ، والركن الشرقي الذي فيه الحجر الأَسود .

 

بابُ التَّمتُّعِ

حجُّ التمتُّعِ : هو الإِحرام بالعمرة في أَشهر الحج ثم الفراغ منها ثم الإِحرام بالحج يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة .

230- عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ ، قَالَ : (( سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا , وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْهَدْيِ ؟ فَقَالَ : فِيهِ جَزُورٌ , أَوْ بَقَرَةٌ , أَوْ شَاةٌ , أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ : وَكَانَ نَاسٌ كَرِهُوهَا , فَنِمْتُ . فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ : كَأَنَّ إنْسَاناً يُنَادِي : حَجٌّ مَبْرُورٌ , وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ . فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَتْهُ . فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ r )) .

الهّدْي : هو مايهدى إِلى الحَرَمِ من حيوان وغيره .

الجزور : البعير ذكراً كان أَوأُنثى .

شِرْكٌ فِي دَمٍ : اشتراك سبعة أَشخاص أَوأَقل في ذبيحة من البقر أَوالإِبلِ .

231- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى . فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ . وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ , ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ , فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ , فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى , فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ الْحُلَيْفَةِ . وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r قَالَ لِلنَّاسِ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى , فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ . وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ , ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ , فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ r حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ . وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ , ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ , وَمَشَى أَرْبَعَةً , وَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا , وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ , ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ , وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ . وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ , ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ , وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ )) .

232 - عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ r أَنَّهَا قَالَتْ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ : إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي , وَقَلَّدْتُ هَدْيِي , فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ )) .

لَبَّدْتُ رَأْسِي : التلبيد : هو وضع شيء من الأَدهان على الشعر حتى يكون هابطاً .

233 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : (( أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى . فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهَا , وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ . قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ )) قَالَ الْبُخَارِيُّ " يُقَالُ : " إنَّهُ عُمَرُ " .

وَلِمُسْلِمٍ (( نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى مَاتَ )) وَلَهُمَا بِمَعْنَاهُ .

 

بابُ الهَدْي

الهديُ : ماأُهدي إِلى البيت الحرام من الإِبل والبقر والغنم وغيرها .

234 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ r ثُمَّ أَشْعَرْتُهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ . وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ , فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلاًّ )) .

قلائد : جمع " قلادة " وهي مايحاط به العنق من خيوط أَوحديد أَوغير ذلك لتعلم أَنها هَديٌ فتحترم .

أَشعرتها : الإِشعار : هو أَن يُشَقَّ أَحد جنبي سنام البَدَنَةِ أَوالبقرة حتي يسيل دمها ليعلم الناس أَنها مهداة للحرم فلايعترضوها .

235 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ r مَرَّةً غَنَماً )) .

236 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : (( أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ r رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً , فَقَالَ : ارْكَبْهَا . قَالَ : إنَّهَا بَدَنَةٌ . قَالَ ارْكَبْهَا . فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا , يُسَايِرُ النَّبِيَّ r )) .

وَفِي لَفْظٍ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ , أَوْ الثَّالِثَةِ : (( ارْكَبْهَا . وَيْلَكَ , أَوْ وَيْحَكَ )) .

بَدَنَةٌ : تطلق على الإِبل والبقر ، لِعِظَمِ أَبدانها وضخامتها .

237 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t قَالَ : (( أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ , وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا , وَأَنْ لا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا )) .

وَقَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا  .

أَجِلَّتِهَا : جمع " جُلٍّ " وهو مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه .

238- عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : (( رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ , فَنَحَرَهَا . فَقَالَ ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ r )) .

نَحَرَهَا : ذبحها في لَبَّتِها .

قِيَاماً مُقَيَّدَةً : قائمة مقيدة الرِّجْل .

 

بابُ الغُسْلِ للمُحْرِمِ

239 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ : (( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ . وَقَالَ الْمِسْوَرُ : لا يَغْسِلُ رَأْسَهُ . قَالَ : فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ t . فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ , وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ . فَسَلَّمْت عَلَيْهِ . فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْت : أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ , أَرْسَلَنِي إلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ , يَسْأَلُكَ : كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ , فَطَأْطَأَهُ , حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ . ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ : اُصْبُبْ , فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ . ثُمَّ  حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ , فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ . ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا رَأَيْتُهُ r يَغْتَسِلُ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ " فَقَالَ الْمِسْوَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ : لا أُمَارِيكَ أَبَداً " .

القرنانِ : العمودان اللذان تُشَدُّ فيهما الخشبة التي تُعَلَّقُ عليها بكرةُ البئرِ . أهـ

الأَبواء : موضع بين مكة والمدينة .

طأطأه : أَزالَهُ عن رأْسِهِ .

أُماريك : أُجادلك .

 

بابُ فَسْخِ الحجِّ إِلى العُمْرَةِ

240 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ (( أَهَلَّ النَّبِيُّ r وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ r وَطَلْحَةَ , وَقَدِمَ عَلِيُّ t مِنْ الْيَمَنِ . فَقَالَ : أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ r فَأَمَرِ النَّبِيُّ r أَصْحَابَهُ : أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً , فَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا , إلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَقَالُوا : نَنْطَلِقُ إلَى " مِنىً " وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ r فَقَالَ : لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ , وَلَوْلا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ . وَحَاضَتْ عَائِشَةُ . فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا , غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ . فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , يَنْطَلِقُونَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ , وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ : أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ )) .

241 - عَنْ جَابِرٍ t قَالَ : (( قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r وَنَحْنُ نَقُولُ : لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ . فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً )) .

242 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r  وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ . فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ الْحِلِّ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ )) .

صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ : صبيحة الرابع من ذي الحجة .

243 – عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : (( سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ – وَأَنَا جَالِسٌ – كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ ؟ قَالَ : كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ . فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ )) .

العَنَقُ : انبساطُ السَّيرِ ، و " النَّصُّ " فوق ذلكَ . أهـ

فجوة : مكانٌ متسعٌ .

244 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ . فَقَالَ : رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ , فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟ قَالَ . اذْبَحْ وَلا حَرَجَ . وَجَاءَ آخَرُ , فَقَالَ : لَمْ أَشْعُرْ , فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ : ارْمِ وَلا حَرَجَ . فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلا أُخِّرَ إلاَّ قَالَ : افْعَلْ وَلا حَرَجَ )) .

245 - عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ : (( أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ . فَرَآهُ رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ , وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ . ثُمَّ قَالَ : هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ r )) .

246 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ . قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ . قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَالْمُقَصِّرِينَ )) .

247 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ r فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ . فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ . فَأَرَادَ النَّبِيُّ r مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّهَا حَائِضٌ . قَالَ : أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ : اُخْرُجُوا )) .

وَفِي لَفْظٍ : قَالَ النَّبِيُّ r : (( عَقْرَى , حَلْقَى . أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ . قَالَ : فَانْفِرِي )) .

أَفَاضَتْ : طافت طوافَ الإِفاضّةِ .

يوم النَّحْر : يوم العيد العاشر من ذي الحجة .

عَقْرَى , حَلْقَى : هو في الحقيقةِ دعاء بالإِصابة بالوجعِ وحلق الشعر، ولكن ذلك غير مقصود فهو مما يجري على أَلسنة العرب من غير قصد ونظيره : تربت يداه وثكلتك أُمُّكَ .

انْفِري : اخرجي .

248 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ , إلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ )) .

249- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ r : أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً , مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ )) .

سِقَايَتِهِ : سقاية الحجيج بالماء .

250 - وَعَنْهُ - أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - قَالَ : (( جَمَعَ النَّبِيُّ r بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ " بِجَمْعٍ " , لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إقَامَةٌ . وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا , وَلا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا )) .

جَمْع : مُزْدَلِفَة .

وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا : لم يصلِّ صلاة النافلة .

 

بابُ المُحْرِمِ يأْكلُ من صيدِ الحلالِ

251 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r خَرَجَ حَاجَّاً . فَخَرَجُوا مَعَهُ . فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ - فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ - وَقَالَ : خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ , حَتَّى نَلْتَقِيَ . فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ  فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ , إلاَّ أَبَا قَتَادَةَ , فَلَمْ يُحْرِمْ . فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ . فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ . فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانَاً . فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا . ثُمَّ قُلْنَا : أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ , وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ r . فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا , أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا ؟ قَالُوا : لا . قَالَ : فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( قَالَ : هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ ؟ فَقُلْت : نَعَمْ . فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ , فَأَكَلَ مِنْهَا )) .

خَرَجَ حَاجَّاً : معتمراً عمرة الحديبية .

حُمُرَ وَحْشٍ : الحمير الوحشية .

الأَتان : أُنثى الحمارِ .

252 – عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ t (( أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ r حِمَاراً وَحْشِيَّاً , وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ – فَرَدَّهُ عَلَيْهِ . فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي , قَالَ : إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ )) .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " رِجْلَ حِمَارٍ " وَفِي لَفْظٍ " شِقَّ حِمَارٍ " وَفِي لَفْظٍ " عَجُزَ حِمَارٍ ".

 

كتابُ البيوعِ

 

253- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r أَنَّهُ قَالَ : (( إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ , فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعاً , أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ . فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ . فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ )) . وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَهُوَ :

254 - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ : حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا . وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا )) .

الخِيَارُ : طلبُ خيرِ الأَمرين منْ إِمضاءِ البيعِ أَوردِّهِ .

الْبَيِّعَانِ : البائعُ والمشتري .

مُحِقَتْ : ذهبتْ وزالتْ .

بابُ مانُهِيَ عنْهُ منَ البيوعِ

255 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t  : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  نَهَى عَنْ الْمُنَابَذَةِ - وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ , أَوْ يَنْظُرَ إلَيْهِ - وَنَهَى عَنْ الْمُلامَسَةِ . وَالْمُلامَسَةُ : لَمْسُ الثَّوْبِ وَلا يُنْظَرُ إلَيْهِ )) .

256 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t  : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ , وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ . وَلا تَنَاجَشُوا . وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ . وَلا تُصَرُّوا الْغَنَمَ . وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ , بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا . وَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا , وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَاً )) .

لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ : لاتستقبلوا القادمين بسلعِهمْ قبل وصولها إِلى السوقِ .

وَلا تَنَاجَشُوا : النَّجَشُ :هو أَنْ يزيدَ الإِنسانُ في ثمن السلعة أَويمدحَها وليس لهُ رغبةٌ في شرائِها ، ولكنْ يريد خِداعَ غيرِهِ .

وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ : الحاضرُ : هو البلديُّ المقيمُ ، والبادي: نسبةٌ إِلى الباديةِ ، والمرادُ القادمُ لبيعِ سلعتِهِ

وَلا تُصَرُّوا الْغَنَمَ : التَصْرِيةُ : هي حبسُ اللبنِ في ضروعِ البهائمِ حتى تظهرَ ممتلئةً باللبنِ فيغتَرَّ بها المشتري

257 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ . وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ  الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ . ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا . قِيلَ : إنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الشَّارِفَ - وَهِيَ الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ - بِنِتَاجِ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ )) .

حَبَلُ الْحَبَلَةِ : جنينُ الحيوانِ في بطنِ أُمِّهِ .

الْجَزُور : البعيرُ ذكراً كانَ أَوأُنثى .

تُنْتَجُ : تَلِدُ .

258 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا . نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ )) .

يَبْدُو : يَظْهرُ .

259 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t  : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قِيلَ : وَمَا تُزْهِي ؟ قَالَ : حَتَّى تَحْمَرَّ . قَالَ : أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ , بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ ؟ )) .

260- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r  أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ , وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، قَالَ : فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ : مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ ؟ قَالَ : لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً )) .

سِمْسَاراً : السِّمسارُ هو متَوَلِّي البيعِ والشِّراءِ لِغيرِهِ .

261 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ الْمُزَابَنَةِ : أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ , إنْ كَانَ نَخْلاً : بِتَمْرٍ كَيْلاً . وَإِنْ كَانَ كَرْماً : أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً , أَوْ كَانَ زَرْعاً : أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ . نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ )) .

الْمُزَابَنَةِ : هي بيعُ شيءٍ لايُعْلَمُ كَيلُهُ أَووزنُهُ أَوعددُهُ بشيءٍ منْ جنسِهِ .

262 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ , وَعَنْ الْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا , وَأَنْ لا تُبَاعَ إلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ , إلاَّ  الْعَرَايَا )) الْمُحَاقَلَةِ : بيعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِها بِحِنْطَةِ. أهـ

الْمُخَابَرَة : قالَ النوويُّ : هي المعاملةُ على الأَرضِ ببعضِ مايخرجُ منَ الأَرضِ منَ الزَّرْعِ كالثُلثِ أَوِ الرُّبعِ أَوغيرِ ذلكَ منَ الأَجزاءِ المعلومةِ لكنْ يكونُ البِذْرُ منَ العاملِ بخلافِ المُزارَعةِ التي يكونُ البِذْرُ فيها منْ صاحبِ الأَرضِ

الْمُحَاقَلَة : بيعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِها بِحِنْطَةِ صافيةٍ منَ التِّبْنِ .

الْعَرَايَا : سيأْتي تفسيرُها في موضِعِها .

263 - عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ t   (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ , وَمَهْرِ الْبَغِيِّ , وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ )) .

مَهْر الْبَغِيِّ : هو ماتأْخُذُهُ المرأَةُ الزانِيَةُ في مقابِلِ الزِّنا .

حُلْوَان الْكَاهِنِ : الكاهنُ : هو الذي يدَّعي علمَ الأَشياءِ المُغَيَّبَةِ المستَقبَلَةِ ، وحُلْوانُهُ : مايعطاه منَ المالِ مقابل دَجَلِهِ وكَذِبِهِ .

264 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ t  أَنْ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ: (( ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ . وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ , وَكَسْبُ  الْحَجَّامِ خَبِيثٌ )) .

الْحَجَّام : هو منْ يمارسُ مَهْنَةَ الحِجامةِ ، وهي امتصاصُ الدَّمِ منْ تحتِ الجلدِ .

 

بابُ العَرايا وغير ذلكَ

265 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ t  (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ : أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا ))

وَلِمُسْلِمٍ : (( بِخَرْصِهَا تَمْراً , يَأْكُلُونَهَا رُطَباً )) .

الْعَرِيَّة : هيَ بيعُ الرُّطَبِ على رؤُوسِ النخلِ ، بِقَدْرِ كَيْلِهِ منَ التَّمْرِ .

بِخَرْصِهَا : الخَرْصُ : الظَّنُّ والتَّخمينُ .

266 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   : (( أَنَّ رَسُولَ  اللَّهِ r  رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ )) .

أَوْسُق : جمعُ " وَسْق" ومِقدارُهُ ستونَ صاعاً نَبَوِيَّاً . والخمسةُ أَوسقٍ ثلاثُمائةِ صاعٍ .

267 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ , إلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ )) .

وَلِمُسْلِمٍ (( وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْداً فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلاَّ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ )) .

أُبِّرَتْ : لُقِّحَتْ .

الْمُبْتَاعُ : المُشتَري .

268 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ )) وَفِي لَفْظٍ : (( حَتَّى يَقْبِضَهُ )) .

269 - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ .

270 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ : (( إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ  الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ ؟ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ , وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ . وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ . فَقَالَ : لا ، هُوَ حَرَامٌ . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  r  عِنْدَ ذَلِكَ : قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ . إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا ، جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ )) .

جَمَلُوهُ : أَذَابُوهُ .

يَسْتَصْبِحُ : يَسْتَضيءُ .

 

بابُ السَّلَمِ

السَّلَمِ لغةً : السَّلَفُ .

وشرعاً : هو بيعُ موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمنٍ عاجلٍ .

271 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (( قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ r  الْمَدِينَةَ , وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ : السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ . فَقَالَ : مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ , وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ , إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ )) .

بابُ الشُّروطِ في البيعِ

272 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ : فَقَالَتْ : كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ , فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ . فَأَعِينِينِي . فَقُلْتُ : إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ , وَوَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ . فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا , فَقَالَتْ : لَهُمْ . فَأَبَوْا عَلَيْهَا . فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ r جَالِسٌ . فَقَالَتْ : إنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِي , فَأَبَوْا إلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْوَلاءُ . فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ r . فَقَالَ : خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ . فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ . فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ . ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ r  فِي النَّاسِ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ . فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ كُلُّ شَرْطٍ  لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ . قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ . وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ . وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ))  .

كَاتَبْتُ أَهْلِي : اشتريتُ نَفْسي منْ أَسْيادي .

وَوَلاؤُكِ لِي : الولاء هو النُّصرةُ لكن خُصَّ في الشَّرعِ بالعتقِ الذي هو تحريرُ الرَّقبة وتخليصُها منَ الرِّقِّ ، ويحصل بالولاء التَّوارُثُ والتَّناصُرُ والتَّقارُبُ .

273 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما (( أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ فَأَعْيَا , فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ . فَلَحِقَنِي  النَّبِيُّ r  فَدَعَا لِي , وَضَرَبَهُ . فَسَارَ سَيْراً لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ . ثُمَّ قَالَ : بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ . قُلْتُ : لا . ثُمَّ قَالَ : بِعْنِيهِ . فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ . وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلانَهُ إلَى أَهْلِي . فَلَمَّا بَلَغْتُ : أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ . فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ . ثُمَّ رَجَعْتُ . فَأَرْسَلَ فِي إثْرِي . فَقَالَ : أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ . فَهُوَ لَكَ ))

أَعْيَا : تَعِبَ .

يُسَيِّبَهُ : يُطْلِقَهُ على وجهِهِ .

حِمْلانَهُ إلَى أَهْلِي : أَي حملي إلَى أَهْلِي  .

أَتُرَانِي  : أَتظُنُّني .

مَاكَسْتُكَ : المُماكسةُ المكالمةُ لطلبِ النَّقْصِ في الثَّمَنِ .

274 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r  أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ . وَلا تَنَاجَشُوا وَلا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ . وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ . وَلا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا ))

 

بابُ الرِّبا والصَّرْفِ

275 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : (( الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِباً , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ . وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِباً , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ )) .

الْوَرِقُ : الفِضَّةُ .

إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ : معناهُ التَّقابُضُ .

276 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t   أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ : (( لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ . وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ . وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلاَّ مِثْلاًّ بِمِثْلٍ . وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ . وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ )) .

وَفِي لَفْظٍ (( إلاَّ يَداً بِيَدٍ )) .

وَفِي لَفْظٍ (( إلاَّ وَزْناً بِوَزْنٍ , مِثْلاً بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ )) .

لا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ : لاتُفَضِّلوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ .

277- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t   قَالَ : (( جَاءَ بِلالٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r  بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ r  : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا ؟ قَالَ بِلالٌ : كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ , فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِيَطْعَمَ النَّبِيُّ  r . فَقَالَ النَّبِيُّ r عِنْدَ ذَلِكَ : أَوَّهْ , أَوَّهْ , عَيْنُ الرِّبَا , عَيْنُ الرِّبَا , لا تَفْعَلْ . وَلَكِنْ إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ . ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ )) .

بَرْنِيّ : نوعٌ جيدٌ منْ تمرِ المدينةِ .

أَوَّهْ , أَوَّهْ : كلمةٌ يؤتى بها للتَّوَجُّعِ .

278 - عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ : (( سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ , عَنْ الصَّرْفِ ؟ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ : هَذَا خَيْرٌ مِنِّي . وَكِلاهُمَا يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r  عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْناً )) .

279 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ t   قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ , وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ , وَأَمَرَنَا : أَنْ نَشْتَرِيَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ , كَيْفَ شِئْنَا . وَنَشْتَرِيَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا . قَالَ : فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَدًا بِيَدٍ ؟ فَقَالَ : هَكَذَا سَمِعْتُ )) .

 

بابُ الرَّهْنِ وغيرِهِ

280 – عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (( أَنَّ رَسُولَ  اللَّهِ r اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَاماً , وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ )) .

281 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ : (( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ . فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ )) .

مَطْلُ الْغَنِيِّ : المماطَلَةُ في آداءِ ماعليه منْ حقٍّ للغيرِ .

أُتْبِعَ : أُحيلَ .

مَلِيء : الغنيُّ المُقْتَدِرُ على الوفاءِ .

282 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r - أَوْ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ - : (( مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ - أَوْ إنْسَانٍ - قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ )) .

283 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ (( جَعَلَ - وَفِي لَفْظٍ : (( قَضَى النَّبِيُّ r بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ . فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ , وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ : فَلا شُفْعَةَ )) .

الشُّفْعَة : استحقاقُ الشَّريكِ انتزاع حُصَّةِ شريكِهِ مِمَّنِ انتقَلَتْ إِليهِ بِعِوَضٍ .

وَقَعَتِ الْحُدُودُ : عُيِّنَتْ وتَمَيَّزتْ .

وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ : بُنِيَتْ مصارِفُها وشوارعُها .

284 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( قَدْ أَصَابَ عُمَرُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ . فَأَتَى النَّبِيَّ r يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ , لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ , فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ ؟ فَقَالَ : إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا , وَتَصَدَّقْتَ بِهَا . قَالَ : فَتَصَدَّقَ بِهَا . غَيْرَ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا , وَلا يُوهَبُ , وَلا يُورَثُ . قَالَ : فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ , وَفِي الْقُرْبَى , وَفِي الرِّقَابِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَابْنِ السَّبِيلِ , وَالضَّيْفِ . لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا : أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ , أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً , غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ )) .

يَسْتَأْمِرُهُ : يستشيرُهُ ويطلبُ أَمرَهُ .

أَنْفَسُ : أَجْوَدُ .

حَبَسْتَ أَصْلَهَا : وقَفْتَ أَصلَ الأَرضِ .

غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ : غيرَ مُتَّخِذٍ منها مِلْكاً لِنَفْسِهِ .

285 - عَنْ عُمَرَt  قَالَ : (( حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ , فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ ,  فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ . فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ  r ؟ فَقَالَ : لا تَشْتَرِهِ . وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ , وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ . فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ )) .

286 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ . فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ r . فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ r  لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r : أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ ، فَرَجَعَ أَبِي , فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ )) . وَفِي لَفْظٍ : (( فَلا تُشْهِدْنِي إذاً . فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ))

وَفِي لَفْظٍ : (( فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي )) .

جَوْر : ظُلْمٌ .

287 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ النَّبِيَّ r عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ )) .

288 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ : (( كُنَّا أَكْثَرَ الأنْصَارِ حَقْلاً . وَكُنَّا نُكْرِي الأرْضَ , عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ , وَلَهُمْ هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ , وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ . فَأَمَّا بِالْوَرِقِ : فَلَمْ يَنْهَنَا )) .

289- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : (( سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ؟ فَقَالَ : لا بَأْسَ بِهِ . إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ , وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ , وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا , وَيَسْلَمُ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلاَّ هَذَا . وَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ . فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ : فَلا بَأْسَ بِهِ )) .

الْمَاذِيَانَات : الأَنْهَارُ الْكِبَارُ وَالْجَدْوَلُ النَّهَرُ الصَّغِيرُ .

290 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( قَضَى رَسُولُ اللَّهِ r  بِالْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ )).

الْعُمْرَى : مشتقةٌ منَ العُمرِ وهو الحياةِ . سميتْ بذلكَ لأَنَّهم كانوا في الجاهليةِ يُعطِي الرَّجلُ الرَّجلَ الدَّارَ أَوغيرَها ويقولُ : أَعْمَرْتُكَ إِياها ، أَي أَبحْتُها لكَ مدَّةَ عُمرِكَ وحياتِكِ .

وَفِي لَفْظٍ : (( مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ . فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا . لا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا ; لأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ )) . وَقَالَ جَابِرٌ : (( إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ r , أَنْ يَقُولَ : هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ , فَأَمَّا إذَا قَالَ : هِيَ لَك مَا عِشْتَ : فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا )) .

291 - وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : (( أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلا تُفْسِدُوهَا ، فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا : حَيّاً , وَمَيِّتاً , وَلِعَقِبِهِ )) .

لِعَقِبِهِ : لِذرِّيَّتِهِ .

292 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ : أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ؟ وَاَللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِها بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ )) .

293 – عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الأَرْضِ : طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ )) .

قِيدَ شِبْرٍ : أَي قَدْرَ شِبْرٍ .

طُوِّقَهُ : جُعِلَ طَوْقَاً في عُنُقِهِ .

 

بابُ اللُّقَطَةِ

294 - عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ t قَالَ : (( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ , أَوْ الْوَرِقِ ؟ فَقَالَ : اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا , ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنْ الدَّهْرِ : فَأَدِّهَا إلَيْهِ , وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ ؟ فَقَالَ : مَا لَك وَلَهَا ؟ دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا , تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ , حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا . وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ ؟ فَقَالَ : خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ , أَوْ لأَخِيك , أَوْ لِلذِّئْبِ )) .

اللُقَطَةُ : المالُ الضائِعُ منْ صاحِبِهِ يلْتَقِطُهُ غيرُهُ .

وِكاءها : الوِكاءُ : مايربطُ بِهِ الشيءُ .

عِفَاصهَا : وِعاؤُها .

حِذَاءَها : خُفُّها .

سِقَاءهَا : جوفُها الذي حملَ كثيراً منَ الماءِ والطَّعامِ .

 

بابُ الوصايا

295 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  قَالَ : (( مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ , لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ , يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ )) .

زَادَ مُسْلِمٌ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : (( مَا  مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ ذَلِكَ , إلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي )) .

الوصيَّةُ : عهدٌ خاصٌ بالتَّصَرُّفِ بالمالِ ، أَوالتبرعِ بهِ بعدَ الموتِ .

296 - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ t قَالَ : (( جَاءَني رَسُولُ اللَّهِ r يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ , وَلا يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : لا ، قُلْتُ : فَالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لا ، قُلْت : فَالثُّلُثُ قَالَ : الثُّلُثُ , وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ورَثَتَكَ أَغنياءَ خيرٌ منْ أَنْ تَذَرَهمْ عالَةً يَتَكَفَّفونَ النَّاسَ ، وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا , حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ قَالَ : إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ ازْدَدْت بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً , وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ , وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ . اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ , وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r  أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ )) .

يَعُودُنِي : يزورُني في مرضي .

تَذَرَهمْ : تترُكَهمْ .

عالَةً : فقراءَ .

يَتَكَفَّفونَ : يمدونَ أَيْديَهُمْ للسؤالِ .

297 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إلَى الرُّبْعِ ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : الثُّلُثُ , وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ )) .

غَضُّوا : أَنْقَصوا .

 

بابُ الفَرَائِضِ

298 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا ، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَتْ : فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ )) .

الْفَرَائِض : النَّصيبُ المُقَّدَّرُ للوارِثِ .

لأَوْلَى رَجُلٍ : لأَقْربِ رَجُلٍ في النَّسَبِ .

299 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَنْزِلُ غَداً فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ ؟ قَالَ : وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ ؟ ثُمَّ قَالَ : لا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ )) .

الرِّبَاع : محلاتُ الإِقامةِ ، أَي الدور .

300- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ النَّبِيَّ r  نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ )) .

301 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ : خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ , وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ , فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ , فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ : أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ ؟ قَالُوا : بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ . ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ فَقَالَ : هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ , وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ , وَقَالَ النَّبِيُّ r فِيهَا : إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ )) .

الْبُرْمَةُ : قِدْرٌ منْ حجارَةٍ .

 

كتابُ النِّكاحِ

302- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r : (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ , مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَة فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )).

مَعْشَرَ الشَّبَابِ : المَعْشَرِ : همُ الطائفة الذين يشملهم وصف .

الْبَاءَة : الجِمَاع والقُدرة على مؤْنَةِ النكاح .

أَغَضُّ لِلْبَصَرِ : أَشَدُّ غضاً للبصرِ .

وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ : أَشَدُّ إِحصاناً للفَرْجِ .

وِجَاء : الوِجاء : الخِصاء ، وذلك نظراً لأَنَّ الصَّوم يُضْعِف الشَّهوة فَشُبِّهَ بالخِصاءِ .

303 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ r عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا آكُلُ اللَّحْمَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ . فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ r فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا ؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ , وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) .

304 – عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ t قَالَ: (( رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ r عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاخْتَصَيْنَا )) .

التَّبَتُّل : ترك النكاح اشتغالاً بعبادة الله تعالى .

305 - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ , انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ , لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ , وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لِي . قَالَتْ : إنَّا نُحَدَّثُ أَنَّك تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ؟ قَالَتْ : قُلْت : نَعَمْ , قَالَ : إنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي , مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ , أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلا تَعْرِضْنَ عَلِيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ . قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ : مَوْلاةٌ لأَبِي لَهَبٍ أَعْتَقَهَا , فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ r فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ فَقَالَ لَهُ : مَاذَا لَقِيتَ ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ : لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ خَيْراً , غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ  بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ )) .

الحِيبَةُ : بكسر الحاء : الحالةُ . أهـ

لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ : لستُ بمنفردةٍ بكَ .

رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي : الربيبة : بنتُ الزوجةِ .

306 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : (( لا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا , وَلا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا )) .

307 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ : مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ )) .

308 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  نَهَى عَنْ الشِّغَارِ )). وَالشِّغَارُ : أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ , وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا الصَّدَاقُ .

309 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t : (( أَنَّ النَّبِيَّ r نَهَى عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ )) .

نِكَاحِ الْمُتْعَةِ : هو أَن يتزوج الرَّجلُ المرأَة إِلى وقتٍ مُحَدَّدٍ .

310 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ  اللَّهِ r قَالَ : (( لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ , وَلا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَكَيْفَ إذْنُهَا قَالَ : أَنْ تَسْكُتَ )).

الأَيِّم : هي من لازوج لها ، وليستْ بِكْراً .

تُسْتَأْمَرَ : يُطلبُ الإِذن منها صريحاً في العقد عليها .

311 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ r  فَقَالَتْ:  كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي . فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ . فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r وَقَالَ : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ ؟ لا , حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ , وَيَذُوقَ  عُسَيْلَتَكِ , قَالَتْ : وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَهُ , وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ , فَنَادَى أَبَا بَكْرٍ : أَلا تَسْمَعُ إلَى هَذِهِ : مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r )) .

فَبَتَّ طَلاقِي : طلقني طلاق البتَّة الذي لارجعة فيه .

هُدْبَة الثَّوْبِ : طرَف الثوبِ .

عُسَيْلَتَهُ : كناية عن الجماع ، شبَّه لَذَّتَهُ بلذة العسل وحلاوتِهِ .

312 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ : أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعاً ثُمَّ قَسَمَ . وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ : أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاثاً ثُمَّ قَسَمَ )) .

قَالَ أَبُو قِلابَةَ : وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ : إنَّ أَنَساً رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ r )) .

قَسَمَ : القَسْمُ : هو المبيت عند كلِّ زوجةٍ في نوبَتِها .

313 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ : إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ , وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ , لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَداً )) .

314 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ )).

ولِمُسْلِمٍ : عنْ أَبي الطَّاهِرِ عنِ ابنِ وَهْبٍ قالَ : " سَمِعْتُ اللَّيثَ يقولُ : الحَمْوُ : أَخو الزَّوْجِ ومَاأَشْبَهَهُ منْ أَقاربِ الزَّوْجِ ، ابنِ عَمٍّ ونَحْوِهِ .

الْحَمْوُ الْمَوْتُ : يعني أَنَّ الخلوة بأَقاربِ الزَّوجِ مؤدية إِلى الفتنة والهلاك في الدِّين ، فجعَلَه كهلاك الموتِ

 

بابُ الصَّدَاقِ

315 – عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r أَعْتَقَ صَفِيَّةَ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا )) .

صَدَاقهَا : مهرها .

316 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ t (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إنِّي وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ : فَقَامَتْ طَوِيلاً ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , زَوِّجْنِيهَا , إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ . فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا ؟ فَقَالَ : مَا عِنْدِي إلا إزَارِي هَذَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : إزَارَكَ إنْ أَعْطَيْتَهَا جَلَسْتَ وَلا إزَارَ لَكَ ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً قَالَ : مَا أَجِدْ . قَالَ : الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r هَلْ مَعَكَ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ )) .

317 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ r : مَهْيَمْ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً , فَقَالَ : مَا  أَصْدَقْتَهَا ؟ قَالَ : وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ : فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ , أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ )) .

رَدْعُ زَعْفَرَانٍ : أَثر صُفْرَةِ الزَّعْفَرانِ .

مَهْيَمْ : مالك وماشأنك .

نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ : مقدارها خمسة دراهم من الذهب .

أَوْلِمْ : اصنع وليمة ، وهي طعام العُرْسِ .

 

كتابُ الطَّلاقِ

 

318- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، (( أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ r ، فَتَغَيَّظَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ r ، ثُمَّ قَالَ : لِيُرَاجِعْهَا , ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ , ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ , فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ , كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً مُسْتَقْبَلَةً , سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا )) .

وَفِي لَفْظٍ (( فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا , وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r )) .

فَتَغَيَّظَ مِنْهُ : ظهر عليه الغيظ .

قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا : قبل أَن يجامعها .

319 - عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ (( أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ , وَهُوَ غَائِبٌ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( طَلَّقَهَا ثَلاثاً - فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ , فَسَخِطَتْهُ . فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ : فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ r فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ )) وَفِي لَفْظٍ : (( وَلا سُكْنَى - فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ , ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي , اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى , تَضَعِينَ ثِيَابَكَ , فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي . قَالَتْ : فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ : أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَمَّا أَبُو جَهْمٍ : فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ . وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ : فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ ,  انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَكَرِهَتْهُ ثُمَّ قَالَ : انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ , فَنَكَحَتْهُ . فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً , وَاغْتَبَطَتْ بِهِ )) .

طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ : طلقها طلاقاً بائناً لارجعة فيه .

فَسَخِطَتْهُ : السخط هو عدم الرضا .

تَعْتَد : تقضي عِدَّتها .

يَغْشَاهَا أَصْحَابِي : يترددون عليها لصلاحِها .وفضلِها .

آذِنِينِي : أَعلميني .

عَاتِقه : العاتق : مابين العُنُقِ والمِنْكَبِ .

صُعْلُوك : فقير .

اغْتَبَطَتْ بِهِ : سُرَّتْ بِهِ .

 

بابُ العِدَّةِ

العِدَّةُ : هي اسمٌ للمدةِ التي تنتظرُ فيها المرأة وتمتنع عنِ الزواجِ بعد وفاة زوجها أَوطلاقِهِ لها .

320 - عَنْ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً - فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ , وَهِيَ حَامِلٌ . فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ , فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا : تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - فَقَالَ لَهَا : مَا لِي أَرَاك مُتَجَمِّلَةً ؟ لَعَلَّكِ تُرَجِّينَ لِلنِّكَاحِ , وَاَللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْك أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ . قَالَتْ سُبَيْعَةُ : فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ : جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ , فَأَتَيْتُ رَسُولَ r فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي , وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إنْ بَدَا لِي )) .

وقالَ ابنُ شِهابٍ : ولاأَرى بَأْساً أَنْ تَتَزَوَّجَ حينَ وضَعَتْ ، وإِنْ كَانَتْ في دَمِها، غَيْرَ أَنَّهُ لايَقْرَبُها زَوْجُها حتَّى تَطْهُرَ .

فَلَمْ تَنْشَبْ : فلم تلبثْ .

فَلَمَّا تَعَلَّتْ : أَي لمَّا طَهُرَتْ من دمها .

تَجَمَّلَتْ : تزينت وتهيأَت .

321 – عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : (( تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لأُمِّ حَبِيبَةَ , فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ , فَمَسَحَتْ بِذِرَاعَيْهَا , فَقَالَتْ : إنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا ; لأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ , إلاَّ عَلَى زَوْجٍ : أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) . الحميمُ : القرابةُ .

حَمِيمٌ : قريبٌ لها وهو أَبوها أَبو سفيان t .

بِصُفْرَةٍ : بطيبٍ .

أَنْ تُحِدَّ : منع المُعْتَدَّةِ نفسَها الزِّينةَ وبدنَها الطِيبَ .

322 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَوْقَ ثَلاثٍ , إلا عَلَى زَوْجٍ : أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً , وَلا تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ . وَلا تَكْتَحِلُ . وَلا تَمَسُّ طِيباً , إلاَّ إذَا طَهُرَتْ : نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ )) .

العَصبُ : ثيابٌ منَ اليَمَنِ فيها بياضٌ وسوادٌ .

والنُبْذَةُ : الشيءُ اليسيرُ . والقُسْطُ : العُودُ أَوْنوعٌ منَ الطيبِ تُبَخَّرُ بِهِ النُّفَساءُ .

والأَظْفارُ : جِنْسٌ منَ الطِيبِ لاواحِدَ لَهُ منْ لَفظِهِ . وقيلَ : هوَ عِطْرٌ أَسودُ ، القِطْعَةُ منه تُشْبِهُ الظُفُرَ .

323 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا , وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لا – مَرَّتَيْنِ , أَوْ ثَلاثَاً – ثُمَّ قَالَ : إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ . وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ )) .

فَقَالَتْ زَيْنَبُ : كَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا : دَخَلَتْ حِفْشاً , وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا , وَلَمْ تَمَسَّ طِيباً وَلا شَيْئاً حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ , ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ – حِمَارٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ شَاةٍ – فَتَفْتَضَّ بِهِ . فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إلاَّ مَاتَ . ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً , فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ )) .

الْحَوْلِ : العام .

الحِفْشُ : البيتُ الصغيرُ .

تَفْتَضَّ : تُدْلِكُ بِهِ جَسَدَها .

 

كتابُ اللِّعانِ

 

324- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ فُلانَ بْنَ فُلانٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ , كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ إنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ , وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ . قَالَ : فَسَكَتَ النَّبِيُّ r فَلَمْ يُجِبْهُ . فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ فَقَالَ : إنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدْ اُبْتُلِيتُ بِهِ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاءِ الآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ (( وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ )) فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ . وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ . فَقَالَ : لا , وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا . ثُمَّ دَعَاهَا , فَوَعَظَهَا , وَأَخْبَرَهَا : أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ . فَقَالَتْ : لا , وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ , إنَّهُ لَكَاذِبٌ . فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ : إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ . وَالْخَامِسَةَ : أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ . ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ . فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ : إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ , وَالْخَامِسَةَ : أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ . ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا . ثُمَّ قَالَ : إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ ؟ )) ثَلاثاً .

وَفِي لَفْظٍ (( لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَالِي ؟ قَالَ :  لا مَالَ لَكَ . إنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا )) .

325 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ , وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ r فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ r فَتَلاعَنَا , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى , ثُمَّ قَضَى بِالْوَلَدِ  لِلْمَرْأَةِ , وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ )) .

وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا : أَنكَرَهُ وبَرِىء منْهُ .

326 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ (( جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ : إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاماً أَسْوَدَ . فَقَالَ النَّبِيُّ r هَلْ لَك إبِلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا أَلْوَانُهَا ؟ قَالَ : حُمْرٌ . قَالَ : فَهَلْ يَكُونُ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟ قَالَ : إنَّ فِيهَا لَوُرْقاً . قَالَ : فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ ؟ قَالَ : عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ . قَالَ : وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ )) .

أَوْرَقَ : هوَ الذي فيهِ سوادٌ ليسَ بصافٍ .

نَزَعَهُ عِرْقٌ : جَذَبَهُ أَصلٌ منَ النَّسَبِ .

327 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلامٍ . فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ , اُنْظُرْ إلَى شَبَهِهِ . وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ , وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ , فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ r إلَى شَبَهِهِ , فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ : هُوَ لَك يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ , الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ . وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ ، فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ )) .

وَلِيدَته : جاريَته .

وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ : للزاني الخَيْبَةُ والخُسْرانُ .

328 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : (( إنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُوراً , تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ . فَقَالَ : أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزاً نَظَرَ آنِفاً إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ , فَقَالَ: إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ )) .

وَفِي لَفْظٍ : (( كَانَ مُجَزِّزٌ قَائِفاً )) .

تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ : تلْمَعُ وتُضيءُ .

قَائِفاً : القائفُ : هو مَنْ يعرفُ إِلْحاقَ الأَنسابِ بالشَّبَهِ ويعرفُ الآثارَ .

329 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : (( ذُكِرَ الْعَزْلُ لِرَسُولِ اللَّهِ r . فَقَالَ : وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ ؟ - وَلَمْ يَقُلْ : فَلا يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إلاَّ اللَّهُ خَالِقُهَا )) .

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ , لَوْ كَانَ شَيْئاً يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ )) .

العَزْلُ : نزعُ الذَّكَرِ منَ الفَرْجِ إِذا قاربَ الإِنْزالَ .

330 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ t : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ (( لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إلاَّ كَفَرَ . وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ : فَلَيْسَ مِنَّا , وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ دَعَا رَجُلاً بِالْكُفْرِ , أَوْ قَالَ : عَدُوَّ اللَّهِ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إلاَّ حَارَ عَلَيْهِ )) .

ولْيَتَبَوَّأْ : أَيْ فَلْيتخذْ لهُ مَباءةً ، وهي المنزلُ .

حَارَ عَلَيْهِ : رجعَ عليهِ .

 

كتابُ الرَّضاعِ

 

331 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي بِنْتِ حَمْزَةَ : لاتَحِلُّ لِي , يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ , وَهِيَ ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ )) .

332 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنْ   الْوِلادَةِ )) .

333 - وَعَنْهَا قَالَتْ : (( إنَّ أَفْلَحَ - أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ - اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ ؟ فَقُلْت : وَاَللَّهِ لا آذَنُ لَهُ , حَتَّى أَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ r فَإِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ : لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي , وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ , فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي , وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ . فَقَالَ : ائْذَنِي لَهُ , فَإِنَّهُ عَمُّك , تَرِبَتْ يَمِينُك )) .

قَالَ عُرْوَةُ " فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : " حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ "

وَفِي لَفْظٍ (( اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ , فَلَمْ آذَنْ لَهُ . فَقَالَ : أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي , وَأَنَا عَمُّك ؟ فَقُلْت : كَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَرْضَعَتْك امْرَأَةُ أَخِي بِلَبَنِ أَخِي , قَالَتْ : فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَ : صَدَقَ أَفْلَحُ , ائْذَنِي لَهُ , تَرِبَتْ يَمِينُك )) أَيْ افْتَقَرَتْ , وَالْعَرَبُ تَدْعُو عَلَى الرَّجُلِ , وَلا تُرِيدُ وُقُوعَ الأَمْرِ بِهِ .

334 - وَعَنْهَا رضي الله عنها قَالَتْ (( دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَعِنْدِي رَجُلٌ , فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ , مَنْ هَذَا ؟ قُلْت : أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ .  فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ : اُنْظُرْنَ مَنْ إخْوَانُكُنَّ ؟ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ )) .

335 – عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ t (( أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ , فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ , فَقَالَتْ : قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا , فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ r قَالَ : فَأَعْرَضَ عَنِّي . قَالَ : فَتَنَحَّيْت , فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ . قَالَ : كَيْفَ ؟ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا )) .

336 – عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t قَالَ : (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ r  – يَعْنِي مِنْ مَكَّةَ – فَتَبِعَتْهُمْ ابْنَةُ حَمْزَةَ , تُنَادِي : يَا  عَمُّ , فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا , وَقَالَ لِفَاطِمَةَ : دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّك , فَاحْتَمَلْتُهَا . فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا , وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي وَقَالَ جَعْفَرٌ : ابْنَةُ عَمِّي , وَخَالَتُهَا تَحْتِي . وَقَالَ زَيْدٌ : ابْنَةُ أَخِي . فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r لِخَالَتِهَا , وَقَالَ : الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ . وَقَالَ لِعَلِيٍّ : أَنْتَ مِنِّي , وَأَنَا مِنْك . وَقَالَ لِجَعْفَرٍ : أَشْبَهَتْ خَلْقِي وَخُلُقِي وَقَالَ لِزَيْدٍ : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا )) .

دُونَكِ : خُذيها .

خَلْقِي : الصفات الظاهرة .

خُلُقِي : الصفات الباطنة .

مَوْلانَا : عتيقُنا .

 

كتابُ القِصاصِ

 

237- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (( لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّه إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِي , وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ , وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ  لِلْجَمَاعَةِ )) .

الثَّيِّبُ الزَّانِي : المتزوجُ الزاني .

وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ : قتلُ مَنْ قتلَ نفساً معصومة ظلماً وعُدواناً .

وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ : المُرْتَدُ .

338 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ )) .

339 - عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ t قَالَ : (( انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى خَيْبَرَ , وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ , فَتَفَرَّقَا , فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ - وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلاً - فَدَفْنه , ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلَى النَّبِيِّ r فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ , فَقَالَ النَّبِيُّ r  : كَبِّرْ , كَبِّرْ - وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ - فَسَكَتَ ، فَتَكَلَّمَا , فَقَالَ : أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ , أَوْ  صَاحِبَكُمْ ؟ قَالُوا : وَكَيْفَ نَحْلِفُ , وَلَمْ نَشْهَدْ , وَلَمْ نَرَ ؟ قَالَ : فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِيناً قَالُوا : كَيْفَ بِأَيْمَانِ قَوْمِ كُفَّارٍ ؟ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ  r مِنْ عِنْدِهِ )) .

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ : (( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ , فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ , قَالُوا : أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ ؟ قَالُوا : فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَوْمٌ كُفَّارٌ )) .

وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ : (( فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ r أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ , فَوَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ )) .

يَتَشَحَّطُ : يضطربُ ويتخبَّطُ .

كَبِّرْ , كَبِّرْ : أَيْ لِيتكلم من هو أَكبرُ منكَ سِنَّاً .

أَحْدَثُ الْقَوْمِ : أَصغرهم .

فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ : الرُّمَّةُ : الحَبلُ .أَي أَسيراً مقيداً بحبله .

عَقَلَهُ : أَي أَعطاه الدِّيَةَ .

فَوَدَاهُ : دفعَ دِيَتَهُ .

340 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t : (( أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا مَرْضُوضاً بَيْنَ حَجَرَيْنِ , فَقِيلَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِك : فُلانٌ , فُلانٌ ؟ حَتَّى ذُكِرَ يَهُودِيٌّ , فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا , فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ , فَأَمَرَ النَّبِيُّ r أَنْ يُرَضَّ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ )) .

وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيَّ عَنْ أَنَسٍ  t (( أَنَّ يَهُودِيّاً قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ , فَأَقَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ r )) .

مَرْضُوضاً : مدقوقاً .

فَأَوْمَأَتْ : أَشارَتْ .

أَوْضَاح : نوعٌ من الحَلِيِّ من الفضةِ

أَقَادَهُ : قتله .

341 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t  قَالَ : (( لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى رَسُولِهِ r  مَكَّةَ قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلاً مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ , وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ , وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي , وَلا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي , وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ , وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ : حَرَامٌ , لا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلا يُخْتَلَى خَلاهَا , وَلا يُعْضَدُ شَوْكُهَا , وَلا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إلاَّ لِمُنْشِدٍ . وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ : فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَقْتُلَ , وَإِمَّا أَنْ يُودِيَ , فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ - يُقَالُ لَهُ : أَبُو شَاهٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , اُكْتُبُوا لِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : اُكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ , ثُمَّ قَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إلاَّ الاَّذْخِرَ , فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: إلاَّ الإِذْخِرَ )) .

لا يُعْضَدُ : لايُقطَعُ .

لا يُخْتَلَى خَلاها : هو الرَّطْبُ من الحشيش : أَيْ لايُجَزُّ ولايُقْطَعُ .

لِمُنْشِد : هو المُعَرِّفُ على اللُّقَطَةِ .

بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ : أَخذ الدِّيَةِ أَوِالقِصاصِ .

أَنْ يُودِيَ : أيُ يُعْطِي القاتِلُ أَوْأَولياؤُهُ الدِّيَةَ لأَولياءِ المقتولِ .

الإِذخَر : نبتٌ طيبُ الرَّائحةِ .

342 عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t  أَنَّهُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي إمْلاصِ الْمَرْأَةِ ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : (( شَهِدْت النَّبِيَّ r  قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ - عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ - فَقَالَ : لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَك , فَشَهِدَ مَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ   مَسْلَمَةَ )) إمْلاصُ الْمَرْأَةِ : أَنْ تُلْقيَ جنينَها مَيْتاً . أهـ

إمْلاصُ الْمَرْأَةِ : هو أن تضعَ المرأَةُ ولدَها قبلَ أَوانِهِ .

بِغُرَّةٍ : العَبدُ والأَمةُ .

343- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t   قَالَ : (( اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ . فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ , فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إلَى النَّبِيِّ r فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ r  : أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ - عَبْدٌ , أَوْ وَلِيدَةٌ - وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا , وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ , فَقَامَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لاشَرِبَ وَلا أَكَلَ , وَلا نَطَقَ وَلا اسْتَهَلَّ , فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : إنَّمَا هُوَ مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ )) مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ .

عاقِلَتها : العاقلةُ همُ الأَقاربُ الذينَ يقومون بدفعِ دِيَةِ الخطأِ عن قريبِهِمُ القاتلِ .

ولااستَهَلَ : الاستهلالُ : رفعُ الصوتِ

يُطَلُّ : يُهْدَرُ ويُلْغى .

السَجْع : هو الإِتيانُ بفقراتِ الكلامِ منتهيةً بفواصل .

344 – عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t   (( أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ , فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ , فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ , فَاخْتَصَمَا إلَى  النَّبِيِّ r فَقَالَ : يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ , لا دِيَةَ لَك )) .

345 - عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رحمه الله تعالى - قَالَ : حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ , وَمَا نَسِينَا مِنْهُ حَدِيثاً , وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r  - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : (( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ , فَأَخَذَ سِكِّيناً فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ , فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : عَبْدِي بَادَرَنِي بِنَفْسِهِ , حَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّةَ )) .

فَحَزَّ يَدَهُ : قطعها .

فَمَا رَقَأَ الدَّمُ : أَي ماانقطعَ دمُهُ حتى مات .

 

 

كتابُ الحُدودِ

 

346- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t   قَالَ : (( قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُكْلٍ - أَوْ عُرَيْنَةَ - فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ , فَأَمَرَ لَهُمْ النَّبِيُّ r  بِلِقَاحٍ , وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا . فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ r  وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ , فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ . فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ , فَأَمَرَ بِهِمْ : فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ , وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ , وَتُرِكُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ , فَلا يُسْقَوْنَ . قَالَ أَبُو قِلابَةَ : فَهَؤُلاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ , وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ )) . أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ . اجْتَوَيْتَ البِلادَ إِذا كرهْتَها وإِنْ كانتْ مُوافِقَةً . واسْتَوْبَأْتَها إِذا لم تُوَافِقْكَ .

عُكْل : قبيلةٌ عدنانيةٌ .

عُرَيْنة : قبيلةٌ قحطانية .

فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ : كرهوها لداءِ أَصابهم في أَجوافهم .

لِقَاح : ناقة حَلوب .

النَّعَم : واحدُ الأَنعامِ ، وهي الإِبلُ .

سُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ : أَيْ كُحِّلَتْ أَعينُهم بمساميرَ مُحَمَّاةٍ بالنَّارِ .

من خِلافٍ : تُقطَعُ اليدُ اليُمْنى والرِّجْلُ اليُسْرى .

الْحَرَّة : الأَرض التي تعلوها حجارةٌ سُودٌ .

يَسْتَسْقُونَ : يطلبون الماء .

347 - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما , أَنَّهُمَا قَالا : (( إنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ r فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنْشُدُك اللَّهَ إلاَّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ . فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ - وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ - نَعَمْ , فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ , وَأْذَنْ لِي . فَقَالَ النَّبِيُّ r : قُلْ , فَقَالَ : إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا , فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ , وَإِنِّي أُخْبِرْت أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ , فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ , فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ , وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ , الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْك وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ . وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ - لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ - عَلَى امْرَأَةِ هَذَا , فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا , فَغَدَا عَلَيْهَا , فَاعْتَرَفَتْ , فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r فَرُجِمَتْ )) .

العَسيفُ : الأَجيرُ . أهـ

أَنْشُدُك اللَّهَ : أَسْأَلُكَ باللهِ .

348 - عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالا :

(( سُئِلَ النَّبِيُّ r عَنِ الأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ ؟ قَالَ : إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ )) .

قالَ ابنُ شِهابٍ : " ولاأَدري ، أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعةِ " . والضَّفيرُ : الحَبْلُ .

349 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : (( أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ r - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَنَادَاهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي زَنَيْتُ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ . فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي زَنَيْت , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ . فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ : دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ r , فَقَالَ : أَبِكَ جُنُونٌ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ أُحْصِنْت ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّه r : اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ )) .

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ . سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ " كُنْت فِيمَنْ رَجَمَهُ , فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّيْ , فَلَمَّا  أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ , فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ , فَرَجَمْنَاهُ " .

الرَّجُلُ هو ماعزُ بنُ مالِكٍ . ورَوَى قِصَّتَهُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ وعَبْدُ اللهِ بنُ عَباسٍ وأَبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ وبُرَيْدَةُ بنُ الحُصَيْبِ الأَسْلَمِيُّ .

هَلْ أُحْصِنْتَ : هلْ تزوجتَ .

أَذْلَقَتْهُ الحجارةُ : أَصابَتْهُ بِحَدِّها فَأَوْجَعَتْهُ .

350 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : (( إنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَذَكَرُوا لَهُ : أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَرَجُلاً زَنَيَا . فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ r : مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ , فِي شَأْنِ الرَّجْمِ ؟ فَقَالُوا : نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ : كَذَبْتُمْ , فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ , فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا , فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ : ارْفَعْ يَدَك . فَرَفَعَ يَدَهُ , فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ , فَقَالَ : صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ , فَأَمَرَ بِهِمَا النَّبِيُّ r فَرُجِمَا . قَالَ : فَرَأَيْت الرَّجُلَ : يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ )) .

الرجلُ الذي وضع يدَهُ على آيةِ الرَّجْمِ عبدُ اللهِ بنُ صُوريا .

يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ : يميلُ عليها ويَنْكَبُّ .

351 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( لَوْ أَنَّ رَجُلاً - أَوْ قَالَ : امْرَأً - اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إذْنِكَ , فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ , فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ : مَا كَانَ عَلَيْك جُنَاحٌ )) .

حَذَفْتَهُ : قَذَفتَهُ .

جُنَاحٌ : إِثمٌ ولاقِصاص .

بابُ حَدِّ السَّرِقةِ

352 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما : (( أَنَّ النَّبِيَّ r قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ )) - وَفِي لَفْظٍ : (( ثَمَنُهُ - ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ )) .

المِجَنّ : هوَ التُّرْسُ الذي يُتَّقى بهِ ضَرْبُ السَّيفِ .

353 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً )) .

354 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (( أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ , فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ r  ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ r فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ , فَقَالَ : أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ , فَقَالَ : إنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ , وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَأَيْمُ اللَّهِ : لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )) .

وَفِي لَفْظٍ (( كَانَتْ امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ , فَأَمَرَ النَّبِيُّ r بِقَطْعِ يَدِهَا )) .

 

بَابُ حَدِّ الْخَمْرِ

355 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t (( أَنَّ النَّبِيَّ r أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ, فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَةٍ نَحوَ    أَرْبَعِينَ ))

356 - عَنْ أَبِي بُرْدَةَ هَانِئِ بْنِ نِيَارٍ الْبَلَوِيِّ t : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (( لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ )) .

 

كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

357 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ , لا تَسْأَلْ الإِمَارَةَ , فَإِنَّكَ إنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِّلْتَ إلَيْهَا , وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا , وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا , فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ , وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ )) .

358 - عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنِّي وَاَللَّهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - لا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ , فَأَرَى  غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا إلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ , وَتَحَلَّلْتُهَا )) .

359 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ )) .

360 - وَلِمُسْلِمٍ : (( فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُت )) .

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ عُمَرُ " فَوَاَللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَنْهَى عَنْهَا , ذَاكِراً وَلا آثِراً "

( يعني : حاكياً عن غيري أَنه حلفَ بها ) .

ذَاكِراً : عامداً .

361- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عليهما السلام : لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً , تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَقِيلَ لَهُ : قُلْ : إنْ شَاءَ اللَّهُ , فَلَمْ يَقُلْ , فَطَافَ بِهِنَّ , فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ : نِصْفَ إنْسَانٍ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ , وَكَانَ دَرَكاً لِحَاجَتِهِ )) . قولُهُ : (فَقِيلَ لَهُ : قُلْ : إنْ شَاءَ اللَّهُ ) يعني قالَ له المَلَكُ .

لأَطُوفَنَّ : المرادُ بذلكَ المجامعةُ .

دَرَكاً لِحَاجَتِهِ : أَدركها ووصل إِليها .

362 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ , هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ , لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ )) . وَنَزَلَتْ : (( إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً )) إلَى آخِرِ الآيَةِ " .

يَمِين صَبْر : هي اليمينُ الغَموسُ ، وهي اليمين التي أُلزم بها وحُبِسَ عليها ، وكانت لازمة من جهةِ الحُكْمِ .

فَاجِرٌ : كاذبٌ .

363 - عَنْ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ t قَالَ : (( كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ r ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ ، قُلْت : إذاً يَحْلِفُ وَلا يُبَالِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ , هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ , لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ )) .

364 - عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ الأَنْصَارِيِّ t أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ r تَحْتَ الشَّجَرَةِ , وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ , كَاذِباً مُتَعَمِّداً , فَهُوَ كَمَا قَالَ , وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ )) وَفِي رِوَايَةٍ : (( وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ )) . وَفِي رِوَايَةٍ : (( مَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا , لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ قِلَّةً )) .

 

بَابُ النَّذْرِ

365- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : (( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً - وَفِي رِوَايَةٍ : يَوْماً - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ؟ قَالَ : فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ )) .

366 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ r (( أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ , وَقَالَ : إنَّ النَّذْرَ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ . وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ )) .

367 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ t قَالَ : (( نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ حَافِيَةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ r فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ : لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ )).

368 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : (( اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ r فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ , تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  : فَاقْضِهِ عَنْهَا )) .

369 - عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : (( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ مِنْ تَوْبَتِي : أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي , صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ )) .

 

بَابُ الْقَضَاءِ

370 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )) .

وَفِي لَفْظٍ (( مَنْ عَمِلَ عَمَلاٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )) .

فَهُوَ رَدٌّ : أَي مردودٌ .

371 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ - امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ  اللَّهِ , إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ , لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ , إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ . فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ )) .

372 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها  (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ , فَخَرَجَ إلَيْهِمْ , فَقَالَ : أَلا إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ , وَإِنَّمَا يَأْتِينِي الْخَصْمُ , فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ , فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ , فَأَقْضِي لَهُ . فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ , فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا )) .

الجَلَبَة : اختلاطُ الأصواتِ .

أَبْلَغَ : أَفصَحَ .

373- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَتَبَ أَبِي - أَوْ كَتَبْتُ لَهُ - إلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ : أَنْ لا تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ . فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لايَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ : (( لا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ )) .

374 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ - ثَلاثَاً – قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : الإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَكَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ ,  وَقَالَ : أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ , وَشَهَادَةُ الزُّورِ , فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ )) .

375 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ , وَلَكِنْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ )) .

 

كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

 

376 - عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ t قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَى أُذُنَيْهِ - : (( إنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ , وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ , لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ , فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ : اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ , وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ : وَقَعَ فِي الْحَرَامِ , كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ , أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى , أَلا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ , أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))

بَيِّنٌ : ظاهرٌ وواضحٌ ، وهو ما نَصَّ اللهُ تعالى ورسولُهُ r أَو أَجْمَعَ المسلمونَ على تَحليلِهِ بِعَيْنِهِ أَو تَحريمِهِ بِعَيْنِهِ

مُشْتَبِهاتٌ : جَمْعُ مُشْتَبِهٍ، وهو مُشكلٌ ؛ لما فِيهِ مِنْ عَدَمِ الوُضوحِ في الحِلِّ والحُرْمَةِ.

اتَّقَ الشُبُهاتِ: ابْتَعَدَ عَنْها.

اسْتَبْرَأَ لدِينِهِ وعِرْضِهِ: طَلَبَ البراءةَ لدِينِهِ مِنَ النَّقْصِ ولِعِرْضِهِ مِنَ الطَّعْنِ .

وَقَعَ في الشُّبُهاتِ : اجْتَرَأَ على الوَقوعِ في الشُّبُهاتِ ، التي أَشْبَهَتِ الحلالَ مِنْ وَجْهٍ والحرامَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ .

الحِمَى: المَحْمِي وهو ما يَحْميهِ الخَليفةُ أَو نائبُهُ مِنَ الأَرْضِ المُباحةُ لدَوابِ المُجاهدينَ ، ويَمنَعُ غَيْرَهمْ عَنْهُ

يُوشِكُ  : يَقْرُبُ.

أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ : أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ ماشِيَتُهُ وتُقيمَ فيهِ .

مَحارِمُهُ : المَعاصي التي حَرَّمَها اللهُ تعالى كالقَتلِ والسَّرِقَةِ .

مُضْغَةً : قِطْعةً مِنَ اللَّحْمِ قَدْرَ ما يُمْضَغُ في الفَمِ .

377 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : (( أَنْفَجْنَا أَرْنَباً بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا , وَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ , فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r  بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا . فَقَبِلَهُ )) . لَغَبُوا : أَعيَوْا . أهـ

أَنْفَجْنَا : أَثَرْنا .

378 - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَتْ : (( نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ )) . وَفِي رِوَايَةٍ (( وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ )) .

379 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : (( أَنَّ النَّبِيَّ r نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ )) .

380 - وَلِمُسْلِمٍ وَحْدَهُ قَالَ (( أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ , وَنَهَى النَّبِيُّ r  عَنْ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ )) .

381 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى t قَالَ : (( أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ , فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ : وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ , فَانْتَحَرْنَاهَا فَلَمَّا غَلَتْ بِهَا الْقُدُورُ : نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ r أَنْ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ , وَرُبَّمَا قَالَ : وَلا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئاً )) .

382 - عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ t قَالَ : (( حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ r  لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ )) .

383 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r بَيْتَ مَيْمُونَةَ , فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r بِيَدِهِ , فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ  اللاَّتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ : أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدَهُ , فَقُلْتُ : أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لا , وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي , فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ , قَالَ خَالِدٌ : فَاجْتَرَرْتُهُ , فَأَكَلْتُهُ . وَالنَّبِيُّ r يَنْظُرُ )) .

المَحْنوذُ : المَشْويُّ بالرَّصْفِ وهِيَ الحِجارةُ المُحْمَاة . أهـ

الضَّبُّ : حيوانٌ صغيرٌ معروفٌ خشِنُ الذَّنَبِ .

أَعَافُهُ : أَكرهُ أَكلَهُ .

384 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى t قَالَ : (( غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r سَبْعَ غَزَوَاتٍ , نَأْكُلُ الْجَرَادَ ))

385 - عَنْ زَهْدَمِ بْنِ مُضَرِّبٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ : (( كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ . فَدَعَا بِمَائِدَةٍ , وَعَلَيْهَا لَحْمُ دَجَاجٍ , فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ , أَحْمَرُ , شَبِيهٌ بِالْمَوَالِي فَقَالَ : هَلُمَّ ، فَتَلَكَّأَ فَقَالَ : هَلُمَّ , فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَأْكُلُ مِنْهُ )) .

فَتَلَكَّأَ : ترَدَّدَ .

386 - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (( إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا , أَوْ يُلْعِقَهَا )) .

 

بَابُ الصَّيْدِ

387 - عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ (( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ ؟ وَفِي أَرْضِ صَيْدٍ , أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ , وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ . فَمَا يَصْلُحُ لِي ؟ قَالَ : أَمَّا مَا ذَكَرْتَ - يَعْنِي مِنْ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ - : فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلا تَأْكُلُوا فِيهَا , وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا , وَكُلُوا فِيهَا . وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ , فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ , وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ , فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ , وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ )) .

بِقَوْسِي : آلةُ رميٍ قديمةٍ معروفةٍ .

كَلْبِي الْمُعَلَّم : المُدَرَّب .

388 - عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : (( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي أُرْسِلُ الْكِلابَ الْمُعَلَّمَةَ , فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ , وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ , فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ . قُلْتُ : وَإِنْ قَتَلْنَ ؟ قَالَ : وَإِنْ قَتَلْنَ , مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا . قُلْتُ : فَإِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ , فَأُصِيبُ ؟ فَقَالَ : إذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ , فَكُلْهُ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلا   تَأْكُلْهُ )) .

وَحَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيٍّ نَحْوُهُ , وَفِيهِ : (( إلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ , فَإِنْ أَكَلَ فَلا تَأْكُلْ , فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ . وَإِنْ خَالَطَهَا كِلابٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلا تَأْكُلْ ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ , وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ )) .

وَفِيهِ (( إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُكَلَّبَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَأَدْرَكْتَهُ حَيّاً فَاذْبَحْهُ , وَإِنْ أَدْرَكْتَهُ قَدْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَكُلْهُ ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاتُهُ )) .

وَفِيهِ أَيْضًا (( إذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ )) وَفِيهِ (( وَإِنْ غَابَ عَنْكَ يَوْماً أَوْ يَوْمَيْنِ )) .

وَفِي رِوَايَةٍ (( الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ فَلَمْ تَجِدْ فِيهِ إلاَّ أَثَرَ سَهْمِكَ فَكُلْ إنْ شِئْتَ , فَإِنْ وَجَدْتَهُ غَرِيقاً فِي الْمَاءِ فَلا تَأْكُلْ ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي : الْمَاءُ قَتَلَهُ , أَوْ سَهْمُكَ ؟ )) .

المِعْراض : عصا رأسُها مَحْنيَّةٌ .

فَخَرَقَ : نَفَذَ في الشيء المَرْمِيِّ بهِ .

الْمُكَلَّب : المُدَرَّب .

389- عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ (( مَنْ اقْتَنَى كَلْباً – إلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ , أَوْ مَاشِيَةٍ – فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ )) . قَالَ سَالِمٌ : وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: (( أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ )) ، وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ .

390 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ t قَالَ : (( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ , فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إبِلاً وَغَنَماً ، وَكَانَ النَّبِيُّ r فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ r بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ , ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنْ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ , فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ , وَكَانَ فِي  الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ , فَحَبَسَهُ اللَّهُ . فَقَالَ : إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا ، قُلْتُ : يَا رَسُولُ اللَّهِ , إنَّا لاقُو الْعَدُوِّ غَداً , وَلَيْسَ مَعَنَا مُدىً . أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ ؟ قَالَ : مَا أَنْهَرَ الدَّمَ , وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ , فَكُلُوهُ , لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ , وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ , أَمَّا السِّنُّ : فَعَظْمٌ , وَأَمَّا الظُّفْرُ : فَمُدَى الْحَبَشَةِ )) .

نَدَّ : هربَ .

أَعياهمْ : أَعجَزَهم .

أَوَابِد : جمعُ " آبِدَة " وهي الغريبةُ المتوحشةُ ، أيْ أَنَّ لها تَوَحُشَاً ونُفوراً .

أَنْهَرَ الدَّمَ : أسالَهُ وأَجْراهُ .

فَمُدَى الْحَبَشَةِ : جمعُ " مُدْيَة " وهي السِّكينُ .

 

بَابُ الأَضَاحِيّ

391 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t   قَالَ : (( ضَحَّى النَّبِيُّ r  بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ , وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا )) .

الأَمْلَح : الأَغبَرُ وهو الذي فيهِ سوادٌ وبياضٌ .

صِفَاحِهِمَا : صفْحَةُ كلِ شيءٍ وجْهُهُ وجانِبُهُ . والمرادُ صِفاحُ أَعناقِهِما .

 

كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

 

392 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ عُمَرَ قَالَ - عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ r - أَمَّا بَعْدُ , أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ : مِنْ الْعِنَبِ , وَالتَّمْرِ , وَالْعَسَلِ , وَالْحِنْطَةِ , وَالشَّعِيرِ . وَالْخَمْرُ : مَا خَامَرَ الْعَقْلَ ثَلاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ عَهِدَ إلَيْنَا فِيهَا عَهْداً نَنْتَهِي إلَيْهِ : الْجَدُّ , وَالْكَلالَةُ , وَأَبْوَابٌ مِنْ الرِّبَا )) .

الْكَلالَةُ : مَنْ لاأَبَ لهُ ولاوَلَدَ .

393 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ رَسُولَ  اللَّهِ r  سُئِلَ عَنْ الْبِتْعِ ؟ فَقَالَ : كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ )) . الْبِتْعُ : نَبيذُ العَسَلِ .

394 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (( بَلَغَ عُمَرَ : أَنَّ فُلاناً بَاعَ خَمْراً فَقَالَ : قَاتَلَ اللَّهُ فُلاناً , أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ , حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ , فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا ؟ )) .

جَمَلُوهَا : أَذابوا شَحْمَها .

 

 

 

كِتَابُ اللِّبَاسِ

 

395 – عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t   قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ ، فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ )) .

396 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r  يَقُولُ : (( لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ , وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ )) .

الدِّيبَاجَ : غليظُ الحريرِ .

صِحَافهمَا : جمع " صفحة " وهو إِناءٌ مُتَّسِعٌ .

397- عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t  قَالَ : (( مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r ، لَهُ شَعَرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ , بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ )) .

ذِي لِمَّةٍ : صاحب لِمَّةٍ ، وهي الشَّعرُ يتجاوزُ شَحْمَةَ الأُذُنِ .

حُلَّة : الحِلَّةُ عند العربِ مكونةٌ منْ ثوبينِ .

398 - عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t قَالَ : (( أَمَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ r بِسَبْعٍ ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ : أَمَرْنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ , وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ , وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ , وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ ( أَوْ الْمُقْسِمِ ) , وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ , وَإِجَابَةِ الدَّاعِي , وَإِفْشَاءِ السَّلامِ . وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ - أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ - بِالذَّهَبِ , وَعَنْ الشُّرْبِ بِالْفِضَّةِ ، وَعَنْ الْمَيَاثِرِ ، وَعَنْ الْقَسِّيِّ ,  وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ , وَالإِسْتَبْرَقِ , وَالدِّيبَاجِ )) .

تَشْمِيت الْعَاطِسِ : دعاءٌ لهُ بالرَّحمةِ .

الْمَيَاثِر : جمعُ " مِيثَرَة " وهو غِطاءٌ للسُرُجِ منَ الحَريرِ يُوضعُ على ظهرِ الفَرَسِ ورَحْلِ البعير .

الْقَسِّي : ثيابٌ من الكتانِ المخلوطِ بالحريرٍ .

الإِسْتَبْرَق : ماغَلُظَ منَ الديباجِ .

الدِّيبَاج : نوعٌ من الحريرِ رقيقٌ .

399 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ ، فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ إذَا لَبِسَهُ ، فَصَنَعَ النَّاسُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ إنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ : إنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ , وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ , فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ : وَاَللَّهِ لا أَلْبَسُهُ أَبَداً فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ )) .

وَفِي لَفْظٍ (( جَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى )) .

نَبَذَ : رمى .

400- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r  (( نَهَى عَنْ لُبُوسِ الْحَرِيرِ إلاَّ هَكَذَا , وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ r أُصْبُعَيْهِ : السَّبَّابَةَ , وَالْوُسْطَى )) .

وَلِمُسْلِمٍ (( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلاَّ مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ , أَوْ ثَلاثٍ , أَوْ أَرْبَعٍ )) .

 

كتابُ الجِهادِ

 

401- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى t : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ - انْتَظَرَ , حَتَّى إذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ , فَقَالَ : (( أَيُّهَا النَّاسُ , لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ , وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا , وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ r : اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ , وَمُجْرِيَ السَّحَابِ , وَهَازِمَ الأَحْزَابِ : اهْزِمْهُمْ , وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ )) .

402 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا , وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا , وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )) .

الرِّباطُ : ملازمةُ المكانِ الذي بينَ المسلمينَ والكفارِ لحراسةِ المسلمين منهم .

الرَّوْحَةُ : السَّيرُ منَ الزَّوالِ إِلى الليلِ .

الْغَدْوَةُ : السَّيرُ في أَولِ النَّهارِ إِلى الزَّوالِ .

403 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : ((  انْتَدَبَ اللَّهُ ( وَلِمُسْلِمٍ : تَضَمُّنَ اللَّهُ ) لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ , لا يُخْرِجُهُ إلاَّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِي , وَإِيمَانٌ بِي , وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي فَهُوَ عَلِيّ ضَامِنٌ : أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , أَوْ أُرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ , نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ )) .

ضَامِنٌ : مضمونٌ ، له الجزاءُ الحَسَنُ في الجنةِ .

وَلِمُسْلِمٍ : (( مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ - كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ , وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ إنْ تَوَفَّاهُ : أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , أَوْ يُرْجِعَهُ سَالِماً مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ )) .

404 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , إلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَكَلْمُهُ يَدْمَى : اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ , وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ )) .

مَكْلُومٌ : مجروحٌ .

405 - عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , أَوْ رَوْحَةٌ : خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ )) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

406 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (( غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , أَوْ رَوْحَةٌ : خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ .

407 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ t قَالَ : (( خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه r إلَى حُنَيْنٍ - وَذَكَرَ قِصَّةً - فَقَالَ رَسُولُ  اللَّهِ r : مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ )) قَالَهَا ثَلاثاً.

سَلَبُهُ : السَّلَبُ : ثيابُ المقتولِ وسلاحُهُ ودابَّتُهُ التي قاتلَ عليها .

408 - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ t قَالَ : (( أَتَى النَّبِيَّ r عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , وَهُوَ فِي سَفَرِهِ , فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ , ثُمَّ انْفَتَلَ , فَقَالَ النَّبِيُّ r : اُطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ فَقَتَلْتُهُ , فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ )) .

فِي رِوَايَةٍ (( فَقَالَ : مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ فَقَالُوا : ابْنُ الأَكْوَعِ فَقَالَ : لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ )) .

409 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ r سَرِيَّةً إلَى نَجْدٍ فَخَرَجَ فِيهَا , فَأَصَبْنَا إبِلاً وَغَنَماً , فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً , وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ r بَعِيراً بَعِيراً )) .

410 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( إذَا جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ : يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ , فَيُقَالُ : هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ )) .

غَادِر : تاركٌ للوفاءِ ، ناقضٌ للعهدِ .

411 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (( أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ r مَقْتُولَةً , فَأَنْكَرَ النَّبِيُّ r قَتْلَ النِّسَاءِ , وَالصِّبْيَانِ )) .

412 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t (( أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ , شَكَوَا الْقَمْلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ r فِي غَزَاةٍ لَهُمَا فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ وَرَأَيْته عَلَيْهِمَا )) .

413 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t قَالَ : (( كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ : مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ r مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ r خَالِصاً , فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَعْزِلُ نَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً , ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي  الْكُرَاعِ , وَالسِّلاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )) .

بَنو النَّضِيرِ : إِحدى طوائفِ اليهودِ الذين سكنوا قُرْبَ المدينة .

يُوجِف : الإِيجافُ : الإِسراعُ في السيرِ .

ركاب : هي الإِبلُ .

الْكُرَاعِ : اسم لجمعِ الخيلِ .

414 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( أَجْرَى النَّبِيُّ r مَا ضُمِّرَ مِنْ الْخَيْلِ : مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ , وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ : مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ : وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى . قَالَ سُفْيَانُ : مِنَ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ : خَمْسَةُ أَمْيَالٍ , أَوْ سِتَّةٌ , وَمَنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ : مِيلٌ )) .

مَا ضُمِّرَ : الخيلُ المُضَمَّرَةُ : هي التي عُلِفَتْ حتى سَمِنَتْ وقَوِيَتْ ثمَّ خُففَ طعامُها تدريجياً لتقوى على السرعةِ والحركةِ .

415 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : (( عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمَ أُحُدٍ , وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ , فَلَمْ يُجِزْنِي , وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ , فَأَجَازَنِي )) .

416 - وَعَنْهُ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَسَمَ فِي النَّفَلِ : لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ , وَلِلرَّجُلِ سَهْماً )) .

النَّفَل : الغنيمة .

417 - وَعَنْهُ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r : كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ فِي السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ )) .

418 - عَنْ أَبِي مُوسَى - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ - عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا )) .

419 - عَنْ أَبِي مُوسَى t قَالَ : (( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ الرَّجُلِ : يُقَاتِلُ شَجَاعَةً , وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً . أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : مَنْ قَاتَلَ  لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا , فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) .

شَجَاعَةً : ليشتَهِرَ بينَ النَّاسِ بالشَّجاعةِ .

حَمِيَّةً : انتِصاراً لقومِهِ ووطنِهِ منْ غيرِ قَصْدِ إِعلاءِ كلمةِ اللهِ .

رِيَاءً : طلباً للثناءِ والمدحِ منَ النَّاسِ .

 

كِتَابُ الْعِتْقِ

 

420 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (( مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ , فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ : قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ , فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ , وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ , وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ )) .

شِرْكاً لَهُ : جزءاً ونصيباً .

قِيمَةَ عَدْلٍ : من غيرِ زيادةٍ ولانقصانٍ .

421 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : (( مَنْ أَعْتَقَ شِقْصَاً مِنْ مَمْلُوكٍ , فَعَلَيْهِ خَلاصُهُ كُلُّهُ فِي مَالِهِ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ , ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ , غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ )) .

شِقْصَاً : الشِّقْصُ : هو القليلُ منْ كلِّ شيءٍ .

اُسْتُسْعِيَ : أُلْزِمَ السَّعْيَ فيما يَفُكُّ بهِ بقيةَ رقبَتِهِ منَ الرِّقِّ .

غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ : لايُكَلَّفُ مايشقُّ عليهِ منَ الخِدْمَةِ .

 

بابُ بيعِ المُدَبَّرِ

422- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : (( دَبَّرَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ غُلاماً لَهُ - , وَفِي لَفْظٍ : (( بَلَغَ النَّبِيَّ r : أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ أَعْتَقَ غُلاماً لَهُ عنْ دُبُرٍ - لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ رَسُولُ اللَّهِ r بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ , ثُمَّ أَرْسَلَ ثَمَنَهُ إلَيْهِ )) .

دُبُر : هو نقيضُ القُبُلِ منْ كلِّ شيءٍ ، والمرادُ هنا بعدَ موْتِهِ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق